عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
258565 مشاهدة print word pdf
line-top
إثبات صفة المجيء والذهاب لله تعالى

بعد ذلك ذكر المؤلف آيات تدل على الصفات الفعلية منها قوله تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا فإن هذا فعل؛ جاء فعل ماض أي في يوم القيامة أثبت لنفسه المجيء وجاء ربك ثقلت هذه الآية على المعتزلة, وكذلك على الأشاعرة, ومثلها قوله تعالى في سورة البقرة: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وقوله تعالى في سورة الأنعام: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ فإن هذا صريح في أن الله تعالى يأتي.
زعم المعتزلة ونحوهم أن الله منزه عن المجيء والذهاب؛ وقالوا كما عبر الزمخشري وغيره: إن هذا من شأن المركبات والمحدثات, وهم يقولون: إن الرب تعالى منزه عن ذلك, وقالوا: إن إثبات الصفات الذاتية يلزم منه التركيب, أنه مركب من صفات متعددة فيدعون أن إثباتها يستلزم التركيب وهذا خطأ لا يستلزم ذلك؛ فإن الله تعالى واحد بصفاته وبذاته واحد, وهم يدعون أن إثبات الصفات يستلزم أيضا تعدد القدماء؛ لأن أخص الصفات لله عندهم صفة القدم؛ فيقولون ذات الله قديم, فإذا قيل إن له صفات؛ لا يكون القديم واحدا؛ بل يقال: سمع الله قديم, وبصره قديم, وجهه قديم, وعينه قديم, ويده قديم فيلزم تعدد القدماء.
فلذلك أنكروا أن يكون لله هذه الصفات, والجواب أن نقول إن الصفات من الذات, إن الله تعالى واحد بصفاته وبذاته, كما أن الإنسان واحد؛ ولو كان له صفات؛ أنت مثلا تقول: جاءني زيد وحده؛ مع أن فيه صفات, ولا تقول, ولا تذكرها عددا لا تقول جاءني زيد, وجاءني سمعه, وجاءني بصره, وجاءني رأسه, وجاءتني يداه, وجاءتني رجلاه؛ لأنه واحد بصفاته؛ فصفاته من ذاته, كذلك قول الله تعالى: وإلهكم إله واحد واحد بصفاته واحد بصفاته وذاته.
فلا يلزم إثبات الصفات إثبات التعدد, ولا إثبات التركيب؛ لأن التركيب إنما يكون لشيء كان متفرقا ثم ركب؛ مثلا السيارة كانت متفرقة كل مسمار وحده ثم يأتي العارف بها فيركبها ويضع كل مسمار أو كل حديدة في موضعها؛ فيقال ركب فلان هذه السيارة بعد تفرقها, وأما الإنسان فليس متفرقا ثم ركب بل هكذا خلق؛ لم يكن متفرقا ثم جاء أحد فركب له الرأس وركب له اليدين وركب له الرجلين؛ فقولهم إن إثبات الصفات يستلزم التركيب نقول إن هذا خطأ؛ إنما يستلزم إذا كان متفرقا؛ فالحاصل أن إثبات الصفات لا يلزم منه تعدد القدماء ولا يلزم منه التركيب, ولا يلزم منه الحدوث.
الله تعالى أثبت لنفسه الصفات والأفعال: وَجَاءَ رَبُّكَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ لما أنهم أنكروا هذا جعلوا فيه مقدرا فقالوا وَجَاءَ رَبُّكَ أي جاء أمر ربك واستمروا على هذا في بقية الآيات, ومنهم زاهد الكوثري المصري ؛ الذي توفي في القرن الماضي عقيدته عقيدة الأشاعرة في إنكار الصفات فهو لما علق على كتاب الأسماء والصفات أفسده؛ فلما جاء آيات المجيء استدل بقوله تعالى في سورة النحل: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ في هذه الآية صريح أمر ربك يعني: عذاب ربك, يعني: هؤلاء الذين توعدهم الله لما كذبوا؛ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة بعذاب الله, أو يأتيهم أمر الله تعالى عذاب كالريح ونحوها؛ تقصفهم وتعذبهم، فإذا كانت هذه الآية فيها تقدير أمر ربك؛ فلا يقال إن بقية الآيات كذلك, كما يقول هؤلاء الأشاعرة ونحوهم.

line-bottom