لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح لمعة الاعتقاد
219365 مشاهدة
إثبات صفة الرضا والغضب لله تعالى

من الآيات التي فيها صفات: قوله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ الرضا: صفة فعلية ذكر الله تعالى عن نفسه أنه يرضى وإذا رضي فإنه يثيب, ورد في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت لعنت, ولعنتي تبلغ السابع من الولد هكذا جاء في هذا الأثر فأثبت فيه الغضب والرضا.
ذكر الله تعالى أنه رضي عن أوليائه في قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وفي قوله تعالى: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا وفي قوله تعالى: وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ وغير ذلك من الآيات؛ فيها إثبات الرضا صفة فعلية.
يرضى إذا شاء, ويغضب إذا شاء, ويرضى عن هؤلاء, ويغضب على آخرين؛ فالرضا والغضب صفتا فعل يفعلهما إذا شاء, وكذلك أنكر هذه الصفة الأشاعرة والمعتزلة, وادعوا أن هذه لا تليق بالخالق, وقالوا: إن الرضا انبساط وسرور؛ يظهر على الإنسان؛ إذا رأى شيئا يفرحه, وهذا ينزه عنه الخالق, وقالوا: إن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام, وأنه يحصل منه انفعال؛ أن الإنسان إذا غضب احمر وجهه, وانتفخت أوداجه؛ فهو يريد الانتقام ممن أغضبه, فهذه الصفات ينزهون الله تعالى عنها.
ونحن نقول: إن هذه صفة المخلوق الغضب الذي هو غليان دم القلب لطلب الانتقام إنها صفة المخلوق؛ غضب المخلوق, وأما الخالق فيغضب غضبا يليق به؛ أثبته لنفسه, وفي حديث الشفاعة يقول: أنهم يأتون آدم فيقولون: اشفع لنا فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا؛ لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله كل واحد من الأنبياء أولو العزم يقول ذلك, فهذا دليل على أن الأنبياء يثبتون لله صفة الغضب وأنه يغضب كما شاء وأنه يرضى إذا شاء الرضا والغضب متقابلان يرضى عن هؤلاء ويغضب على آخرين.