إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح لمعة الاعتقاد
293753 مشاهدة print word pdf
line-top
أول من نفى كلام الله تعالى

وكان من أول من أظهر ذلك الجعد بن درهم ؛ فإنه أعلن أن الله لم يكلم موسى وأصر على ذلك وهو الذي قتله خالد بن عبد الله القسري يوم عيد النحر وجعله كأضحية؛ خطب الناس فقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ إبراهيم خليلا ثم نزل وذبحه.
وفي ذلك يقول ابن القيم في النونية:
ولأجـل ذا ضحى بجعد خالد الـ
قسري يـوم ذبــائح القربان
إذ قـال إبراهيم ليــس خليـله
كـلا ولا موسى الكـليم الـدان
شكر الضحيـة كـل صـاحب سـنة
للـه درك مــن أخــي قربـان
أي جعله قربان؛ أي جعله أضحية؛ (والقرابين) هي الأضاحي؛ ثم اشتهر أيضًا إنكار أن الله متكلم عن الجهم بن صفوان الذي أنكر جميع الصفات وادعى أن إثباتها تشبيه؛ وقد شنع عليه العلماء وبدعوه وحذروا من بدعته وهو الذي قتله سالم بن أحوز .
ثم اشتهر ذلك أيضا عن بشر المريسي وبالغ في إنكار أن يكون القرآن كلام الله، وادعى أنه مخلوق وأنه ليس كلام الله، وأخذه عنه ابن أبي دؤاد وزين للخليفة المأمون أن يلزم الناس بهذا الاعتقاد، وظن أن من اعتقده؛ فإنه هو الذي على السنة، وأن من ادعى أن القرآن كلام الله فإنه مشبه وإنه مبتدع.
وحصل ما حصل من فتنة العلماء وتعذيب من عذب منهم، فلما كان كذلك اهتم علماء الأمة اهتموا بإثبات هذه السنة: إثبات أن الله تعالى متكلم ويتكلم إذا شاء، وقالوا: إن الله تعالى متكلم بكلام قديم النوع متجدد الآحاد أي أنه لم يزل متكلما إذا شاء، وما ذاك إلا أن صفة الكلام صفة كمال ونفيه صفة نقص؛ لأن من أثبت صفة نفى ضدها، ومن نفاها أثبت ضدها.
فأهل السنة: أثبتوا أن الله متكلم؛ ونفوا ضد ذلك وهو البكم أو الخرس الذي لا يقدر على أن يتكلم يقال له أبكم وأخرس. فلا شك أن هذا صفة نقص، وأن صفة الكلام صفة كمال؛ فمن نفى صفة الكلام قيل له يلزمك أن تثبت ضدها وهي صفة البكم.
ولكن ادعى المعتزلة ونحوهم الذين نفوا هذه الصفة ادعوا أن هذا إنما ينفى عما ليس بقابل، هكذا ذكر عنهم شيخ الإسلام في.. فيقولون: إنما ينفى الضدان يجوز نفي الضدين عما ليس بقابل، ومثلوا بالجدار فيقولون: إنه لا يقال له أصم ولا سميع، ولا يقال له بصير ولا أعمى، ولا يقال له أبكم ولا ناطق؛ لأنه ليس بقابل.
والجواب أن نقول: هذا غير صحيح، بل إنه يقال أصم الجدار أصم وأعمى وأخرس وعاجز، فتثبت له هذه الصفات ولو لم يكن قابلا لها، ثم نقول لهم: إنكم لا شك تتنقصون الخالق تعالى كيف يخلق وهو لا يتكلم؟ قد أثبت الله تعالى أن عطاءه كلام، وأن عذابه كلام وأنه إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وهذا كلام قوله كن هذا كلام يقوله إذا شاء، وهو دليل على أنه قادر على كل شيء، ومن ذلك قدرته على الكلام إذا شاء.

line-bottom