شرح لمعة الاعتقاد
اعتقاد المعتزلة في القرآن
وقد جادل المعتزلة وبالغوا في القول بأن القرآن مخلوق وناقشهم العلماء منهم شارح الطحاوية؛ ذكر بعض أدلتهم على أن القرآن مخلوق؛ وبين عدم دلالتها فمنها قولهم: إن الله يقول: رسم> اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ قرآن> رسم> كلمة كل شيء يدخل فيها القرآن؛ والجواب أن نقول بأي شيء استدللتم ألستم استدللتم بقولكم قال الله: فهذا القرآن هو الذي دل على أن الله خالق كل شيء؛ فلا يدخل في ذلك ذاته ولا يدخل في ذلك صفاته والقرآن كلام الله وكلامه صفة من صفاته وجميع صفاته غير مخلوقة فلا يدخل فيها في قوله رسم> اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ قرآن> رسم> ذات الرب ولا صفاته؛ لأنا عرفنا أنه خالق كل شيء بهذا القرآن.
وأما استدلالهم بقوله تعالى: رسم> مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ قرآن> رسم> فقالوا: (المحدث) المخلوق؛ فإن هذا أيضا دليل غريب ولا يصلح أن يستدل به، والحدوث معناه التجدد وهو دليل على أن كلام الله يتجدد معناه؛ يعني يتكلم إذا شاء بكلام حادث متجدد.
فمعنى (محدث) يعني جديد لم يأتهم من قبل، إذا أتتهم سورة لم تنزل عليهم من قبل سموها كلاما محدثا يعني جديدا؛ فلا يدل على أنه مخلوق.
استدلوا أيضا بقول الله تعالى: رسم> إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا قرآن> رسم> (والجعل) عندهم الخلق جعلناه يعني خلقناه وهذا أيضا دليل باطل فإن (الجعل) هو التصيير أي صيرناه قرآنا عربيا صيرناه لما أنزله الله صيره جعله قرآنا عربيا لم يجعله أعجميا رسم> إِنَّا جَعَلْنَاهُ قرآن> رسم> .
ذكر بعض المترجمين أن الزمخشري اسم> من رؤوس المعتزلة لما ألف كتابه الذي سماه الكشاف في تفسير القرآن ابتدأه بقول: الحمد لله الذي خلق القرآن على معتقده. فقال له بعض تلامذته: إن هذا ينفر الناس من قراءته فلو غيرت هذه اللفظة فغيرها بقوله: الحمد لله الذي جعل القرآن جعل عنده بمعنى خلق.
ثم إن بعض الكُتَّاب حرفوها وجعلوا بدلها أنزل الذي أنزل القرآن وهي ليست من الأصل فالزمخشري اسم> صاحب الكشاف من الذين يعتقدون أن كلام الله مخلوق وأن الله لا يتكلم أصلا؛ ويدعي أن من أثبت أن الله يتكلم فقد شبه الله، وأن قولنا إن الله يتكلم بلا كيف أن ذلك لا يغني عن كوننا مشبهة ذكرنا بيته المشهور عنه:
قـد شبهوه بخلقـه فتخوفـوا | شنع الورى فتستروا بالبلكفـة |
مسألة>