شرح لمعة الاعتقاد
رأي الفرق الإسلامية في حقيقة القرآن (تابع)
قال المؤلف رحمه الله تعالى: وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا رسم> وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ قرآن> رسم> وقال بعضهم رسم> إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ قرآن> رسم> فقال الله: رسم> سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قرآن> رسم> .
وقال بعضهم: هو شعر، فقال الله تعالى: رسم> وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ قرآن> رسم> فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنا لم يبق شُبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو حروف، وكلمات، وآيات؛ لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد إنه شعر.
وقال الله تعالى: رسم> وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ قرآن> رسم> فلا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يُدرى ما هو، ولا يُعقل.
وقال الله تعالى: رسم> وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي قرآن> رسم> فأثبت أن القرآن هو الآيات التي تُتلى عليهم.
وقال تعالى: رسم> بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلّا الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون قرآن> رسم> فقال تعالى بعد أن أقسم على ذلك، وقال تعالى: رسم> كهيعص قرآن> رسم> فقال تعالى: رسم> حم عسق قرآن> رسم> وافتتح تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة رسم> حديث صحيح. حديث>
وقال عليه الصلاة والسلام: رسم> اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون آخره ولا يتأجلونه متن_ح> رسم> .
وقال أبو بكر اسم> وعمر اسم> رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه. وقال علي اسم> رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.
واتفق المسلمون على عدد سور القرآن، وآياته، وكلماته، وحروفه، ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة، أو آية، أو كلمة، أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف.
فصل في رؤية الله جل جلاله رأس>
والمؤمنون يَرون الله تعالى في الآخرة بأبصارهم، ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه قال الله تعالى: رسم> وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قرآن> رسم> فلما حجب أولئك في حال السخط دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى، وإلا لم يكن بينهما فرق.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته متن_ح> رسم> حديث صحيح، متفق عليه. حديث>
وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير.
السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه..
ذكرنا أن المعتزلة يقولون: إن القرآن مخلوق قد جعلوه مخلوقا كما أن السماء مخلوقة، والأرض مخلوقة، والإنسان مخلوق، وناقشهم أهل السنة، وبينوا أن المخلوق هو الذي يكون له شبه وشيء ظاهر يُدرك، وأما القرآن فإنه كلام الله، وكلامه من علمه، وهو صفة من صفاته، وجميع صفات الله تعالى من ذاته، ولا يُقال: إنها مخلوقة، وقد فرق الله تعالى بين القرآن وبين المخلوقات قال الله تعالى: رسم> الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ قرآن> رسم> ففرق بين المخلوق وبين غير المخلوق، فالإنسان مخلوق قد خلق الإنسان، والقرآن غير مخلوق قد علم القرآن.
ذكر بعض العلماء أن الله تعالى ذكر القرآن في أكثر من خمسين موضع ولم يُقل في موضع إنه خلقه، وذكر الإنسان في نحو سبعة عشر موضعًا وكلها صرح بأنه مخلوق، وفي ذلك رد لقول هؤلاء المعتزلة، ثم ذهب الأشاعرة إلى أن كلام الله هو المعنى ليس الحروف، وجعلوا هذا القرآن عبارة وحكاية عن كلام الله لا أنه نفس كلام الله.
وذلك لأن الأشاعرة أقروا بصفة الكلام لله تعالى، وذلك لأنهم اعتمدوا في إقرارهم على العقل، ولكن لما كان معهم شبه من المعتزلة، وخيل إليهم أن الكلام لا يخرج إلا من اللسان والشفتين فخيل إليهم أن ذلك تشبيه عند ذلك أنكروا أن يكون هذا القرآن عين الكلام، عين كلام الله تعالى، فقالوا: إنه عبارة، وحكاية عن كلام الله لا أنه نفس القرآن الذي تكلم الله تعالى به، وجعل الذي تكلم به إما جبريل اسم> وإما محمد اسم> صلى الله عليه وسلم.
ولما كان هذا في قولهم احتيج إلى مناقشتهم، وذلك لشهرتهم، وكثرتهم وتنقلهم في القرون الوسطى؛ يعني: الذين على مذهب أبي حنيفة اسم> والشافعي اسم> ومالك اسم> -غالبا- على أن القرآن عبارة لا أنه عين كلام، فخالفهم أهل السنة، وهم قليل في ذلك الوقت وكانوا يتسترون، فخالفوا هذا المعتقد، وقالوا: إن القرآن عين كلام الله أنه الذي تكلم به كما يشاء.
فأولا يقول المؤلف: -هاهنا- إن القرآن هو هذا الكتاب العربي المنسوخ، المكتوب في المصاحف، المحفوظ في الصدور الذي هو كتاب قال الله تعالى: رسم> كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ قرآن> رسم> وقال تعالى: رسم> بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ قرآن> رسم> .
ذكر الله أن الذين كفروا قالوا: لن نُؤمن بهذا القرآن الإشارة إلى هذا الذي يقرؤه النبي صلى الله عليه وسلم علينا فقالوا: لن نؤمن بهذا القرآن أشاروا إليه، وذكر الله أن بعضهم قال: إِنْ هذا إلا قول البشر، وهذا حكاية عن أحد المشركين أنه قال: إِنْ هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر أي هذا القرآن الذي يقرؤه محمد اسم> ليس هو من قول الله، وإنما هو قول البشر أي كلاما تكلم به بشر، ويريدون أنه قول محمد اسم> وأنه هو الذي كذبه، وافتراه كما ذكر الله عنه أنهم يقولون: افتراه رسم> أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قرآن> رسم> يعني: اختلقه– فقال الله تعالى: رسم> قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ قرآن> رسم> .
فنزهه الله تعالى عن أن يكون افتراه يعني كذبه، وقال الله في الذين قالوا رسم> إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ قرآن> رسم> قال: رسم> سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قرآن> رسم> أي على تكذيبه بهذا القرآن، وادعائه أنه قول البشر.
وقال بعضهم: إنه شعر، وادعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم شاعر فقال الله تعالى: رسم> وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ قرآن> رسم> فنزه الله تعالى نبيه عن الشعر بقوله: رسم> وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ قرآن> رسم> أي ما هذا الذي يقرؤه عليكم إلا ذكر أي تذكير لكم، وقرآن يقرؤه عليكم مبين، وليس هو بشعر، ولا بسحر، ولا بكهانة، ولا مفترى نتلوه وإنما هو عين كلام الله تعالى، فلما نفى الله تعالى عنه أنه شعر، وأثبت أنه قرآن، لم يبقَ شبهة لذي لُب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو حروف، وكلمات وآيات لا يشُك ذو لُب يعني صاحب عقل، وفهم، وإدراك أن كلام الله تعالى هو هذا القرآن المكتوب في المصاحف، وهو كلام عربي، وهو حروف.
قد ذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف متن_ح> رسم> يعني: تكتب في أول المصحف ألم يعني: تُكتب ألفا وحدها ولاما متصلة بالميم وميما بما بعد ذلك، ومع ذلك جعلها حروف، وكذلك كلمات يعدون الحروف، ويعدون الكلمات، ويُثبِتونها كما جاءت، ويعدون الآيات، فيقولون: سورة البقرة مائتان وست وثمانون آية، وسورة آل عمران مائتان، ويَعُدون السور القصيرة، ويقولون: سورة الكوثر ثلاث آيات، وسورة الفجر ثلاثون آية وأشباه ذلك فيثبتونها آيات.
والآية: هي المقطع الذي له أول وآخر وقد تكون الآية كلمة كقوله: رسم> وَالطُّورِ قرآن> رسم> رسم> وَالْفَجْرِ قرآن> رسم> رسم> وَالْعَصْرِ قرآن> رسم> فإنها كلمة واحدة ومع ذلك تعد آية، والشيء الذي ليس حروفا ولا كلمات لا يقول أحد إنه شعر، فدل على أن الذي كذبوا به هو هذا القرآن، وقد تحداهم الله تعالى أن يأتوا بمثله.
قال تعالى: رسم> فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ قرآن> رسم> عجزوا عن ذلك، فقال تعالى: رسم> قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا قرآن> رسم> أي مساعد إذا اجتمعوا كلهم على أن يعارضوه لم يقدروا، ثم تحداهم بعشر سور رسم> قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ قرآن> رسم> عجزوا، وتحداهم بسورة فقال تعالى: رسم> وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ قرآن> رسم> عجزوا عن ذلك، فقد قال الله تعالى: رسم> فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا قرآن> رسم> أي لا يقدرون على أن يأتوا، ولو بسورة قصيرة تشابهه في بلاغته وأسلوبه، ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يُدرى ما هو.
لو كانوا لا يدرون ما هو ، وإنما هو شيء قام به بنفس الباري كما يقوله هؤلاء الأشاعرة الذين يقولون: إن كلام الله معنا يقوم بذاته، وأن هذا إنما هو عبارة، وأن كلام الله نفسي لو كان لا يُدرى ما هو لن يقول ائتوا بسورة من مثله.
وقال الله تعالى: رسم> وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي قرآن> رسم> ذكر الله أنه إذا قرأه عليهم فإن الذين ينكرون البعث، ولا يرجون لقاء الله في الآخرة يقولون رسم> ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا قرآن> رسم> يعني غير هذا الذي تتلوه أو بدله أو ائت بغيره مكانه، فقال الله: رسم> قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي قرآن> رسم> ليس لي أن أبدله؛ ذلك لأني لست أنا الذي قلته لكن الله هو الذي قاله وهو الذي أنزله، فليس لي أن أُبدِّلَه من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يُوحى إليه.
أثبت أن القرآن هو الآيات الذي تُتلى عليه رسم> وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قرآن> رسم> يعني تُقرأ عليهم، وهو آيات بينات، وقال تعالى: رسم> بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> فأثبت أن القرآن آيات بينات، وأنه محفوظ في الصدور في صدور الذين أوتوا العلم الذين يحفظونه في صدورهم، يُقال: إنهم من الذين أوتوا العلم. والذين يجحدونه، يجحدون آيات الله التي أنزلها على نبيه أولئك هم الظالمون والكافرون هم الظالمون.
وقال تعالى: رسم> إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ قرآن> رسم> بعد أن أقسم على ذلك في قوله تعالى: رسم> فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِين قرآن> رسم> .
فأقسم بمواقع النجوم وأخبر بأنه قسم عظيم؛ المُقسَم عليه هو هذا القرآن أنه قرآن عظيم، أنه قرآن كريم، وأنه في كتاب مكنون؛ يعني: أصله في اللوح المحفوظ، وأن قرأه الذي هو هذا القرآن يكون في كتب؛ أي في المصاحف، ومن فضله أنه لا يمسه إلا المطهرون تنزيها له، وأنه تنزيل من رب العالمين، وقال تعالى: رسم> كهيعص قرآن> رسم> هذه الحروف أيضا المقطعة في أوائل السور هي من كلام الله تعالى، وكذلك قوله: رسم> حم عسق قرآن> رسم> هذه أيضا من كلام الله تعالى حروف مقطعة.
وافتتح الله تعالى تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة منها ست سور افتتحت بـ رسم> الم قرآن> رسم> والسابعة افتتحت بـ رسم> المص قرآن> رسم> وست سور افتتحت بـ رسم> الر قرآن> رسم> ومنها سورة افتتحت بـ رسم> المر قرآن> رسم> ومنها سبع سور افتتحت بـ رسم> حم قرآن> رسم> لأن منهم واحدة افتتحت بـ رسم> حم عسق قرآن> رسم> وسورتان بـ رسم> طسم قرآن> رسم> وسورة بـ رسم> طس قرآن> رسم> وبقية السور بحرفين أو بحرف كـ رسم> يس قرآن> رسم> و رسم> طه قرآن> رسم> و رسم> ص قرآن> رسم> و رسم> ن قرآن> رسم> و رسم> ق قرآن> رسم> يعني منها بحرف واحد كـ رسم> ق قرآن> رسم> و رسم> ن قرآن> رسم> ومنها بحرفين كـ رسم> يس قرآن> رسم> و رسم> طه قرآن> رسم> و رسم> طس قرآن> رسم> ومنها بثلاث حروف كـ رسم> الر قرآن> رسم> و رسم> الم قرآن> رسم> ومنها بأربعة حروف كـ رسم> المص قرآن> رسم> و رسم> المر قرآن> رسم> ومنها بخمسة حروف كـ رسم> حم عسق قرآن> رسم> و رسم> كهيعص قرآن> رسم> كلها من كلام الله تعالى.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> من قرأ القرآن، فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة رسم> ومعنى أعربه يعني: أتقنه، ولم يخطئ فيه؛ يعني جوَّده وأعربه، وأتى بحروفه، حروف واضحة، وكذلك أيضا لم يلحن فيه، وهذا بلا شك دليل على أنه اعتنى بالقرآن أنه اعتنى به عناية ظاهرة.
فكان من آثار هذه العناية: أن الله تعالى يثيبه، ويضاعف أجره فيكون أجره أنه بكل حرف عشر حسنات، وأما الذي لم يتقنه، وإنما قرأه بدون إتقان، ولحن فيه، فله بكل حرف حسنة.
ورد أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> الماهر بالقرآن مع السَّفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران متن_ح> رسم> ففرق بينهم؛ الماهر بالقرآن والذي أتقنه وحفظه وفهمه، وعرف مدلوله، وعرف دلالاته، فهذا أخبر بأنه مع السفرة الذين ذُكروا في قول الله تعالى: رسم> إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ قرآن> رسم> وهم الملائكة.
كذلك ورد أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال: رسم> اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون أجره ولا يتأجلونه متن_ح> رسم> اقرءوا القرآن؛ يعني: تعلموه، واجتهدوا في تعلمه واجتهدوا في تأمله، وفي فهمه، واقصدوا بقراءته الأجر في الآخرة، واجتهدوا في معرفته، وفهم معناه قبل أن يأتي قوم يُقيمون حروفه إقامة السهم يعني: فُسِّروا بأنهم الخوارج، فإنه ذكر أنهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يعني: يقرءونه بألسنتهم، ولا يصل معناه إلى قلوبهم، ويصدق على غيرهم ممن هذا وصفه من بعدهم الذين يجتهدون في إقامة حروفه، وفي إقامة كلماته، يُقِيمونه إقامة السهم، ويجودنه، ويشددونه ويبالغون فيه، ومع ذلك لا يتأثرون به لا يجاوز تراقيهم.
التراقي: هي العظام المحيطة بالعنق؛ يعني أنه لا يصل إلى قلوبهم، وإنما يقرءونه بألسنتهم، ولا يتأثرون به، ولا يعملون به، وصفهم بأنهم يتعجلون أجره أي لا يقرءونه إلا بأجر.
ولا يتأجلونه: أي لا يدخرون أجره في الدار الآخرة، وإنما يقصدون بقراءته مع إتقانه، وتجويده، وإقامة حروفه إقامة السهم يقصدون أجرًا دنيويا، فيقرءونه لأجل أجر يتعجلونه في الدنيا، فأمر بأن يقرأ ويكون القارئ قصد بقراءته الأجر في الآخرة.
ذكر أيضا عن أبي بكر اسم> وعمر اسم> رضي الله عنهما قالا: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه.
ومعنى إعرابه: إتقانه يعني كونه إذا قرأه أتقنه، وجوده، وفهمه، ونطق به نطقا صحيحا؛ ليس فيه خطأ أحب من حفظ بعض حروفه يعني من حفظه مع الغلط، والخطأ الذي فيه فيقول: أيضا علي اسم> رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.
ففي كلام أبي بكر اسم> قوله: من بعض حروفه يدل على أنه حروف؛ فكذلك في كلام علي اسم> رضي الله عنه في قوله: من كفر بحرف من القرآن فهو دليل على أن هذا القرآن حروف وكلمات.
يقول: اتفق المسلمون على عد سور القرآن، وعد آياته، وكلماته، وحروفه؛ هم يعدون سوره، فيقولون: إن سوره مائة وأربع عشرة سورة أولها الفاتحة وآخرها رسم> قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قرآن> رسم> يعني: بهذا الترتيب الذي في المصحف، فيعدون آياته يقولون: سورة كذا آياتها كذا، ويعدون كلماته، والكلمة: هي اللفظة المفردة. ويعدون أيضا حروفه.
يقول: ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة، أو آية، أو كلمة ، أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف، أنه يتركب من هذه الحروف التي ينطق بها الإنسان التي هي الحروف العربية.
من جحد منه سورة متواترة حُكم بكفره؛ لأنه أنكر أنه متواتر، من جحد في ذلك آية من آياته ولو قصيرة أو جحد كلمة أسقطها من القرآن وهو يعلم أنها منه، وهذه ليست من القرآن، أو جحد حرفا متفقا عليه إنه يحكم بكفره، وذلك لأن القرآن متلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بين أظهرهم كلما نزلت آية ألقاها على من حوله، فحفظوها، وكتبوها لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولا يكتب، وفي ذلك حكمة قال الله تعالى: رسم> وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ قرآن> رسم> يعني: لو كان يقرأ في الكتب لارتابوا وقالوا: إنه كتبه من الكتب المتقدمة.
قد أخبر الله تعالى بأنه لا يقرأ الكتب، ولا يكتبها ومع ذلك فإنهم ادعوا أنه كتبه في قولهم: رسم> وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قرآن> رسم> كيف اكتتبها وهو لا يقرأ ولا يكتب ومن الذي يمليها عليه.
لما قال بعضهم: إنه أخذها عنه عن أحد الأعاجم، قال الله تعالى: رسم> لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ قرآن> رسم> الذي يتهمونه ويقولون إنه أملاه عليه رسم> وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ قرآن> رسم> فدل على أنه عين القرآن، بل إنه عين الكتاب عين الكلام أتى به جبريل اسم> ينسخ حكم كل كتاب.. بالغ المؤلف رحمه الله وذلك للرد على أهل زمانه الذين.
يقولون: إن القرآن عبارة وحكاية لا أنه عين كلام الله تعالى، وهذا معتقد الكثير الذين يدعون أنهم على معتقد الأشعري، ويفتخرون بأنهم أشعرية، وأشاعرة، أو ماتريدية، ثم لا يزالون كذلك يظهرون أن القرآن عبارة عن كلام الله لا أنه نفس كلام الله.
ففي حدود سنة إحدى وسبعين من القرن الماضي لما فُتحت المعاهد العلمية استقدم لها بعض المتعاقدين ليدرسوا فيها ذلك المدرس أو بعضهم كانوا على هذا المعتقد، فأظهر للطلاب أن القرآن أخذه جبريل اسم> من اللوح المحفوظ لم يسمعه من الله، وأنه عبارة، ليس هو عين كلام الله؛ الطلاب في ذلك الوقت لم يكونوا مبتدئين، فإنهم قد قرءوا على المشائخ أغلبهم، وقد قرءوا في الكتب، فأنكروا عليه فأخذ يجادلهم، يعتقد أنهم جهلة ولكن ظهر عليه قولهم، ثم لم يقنع فترافعوا إلى المفتي الأكبر في ذلك الوقت الشيخ محمد بن إبراهيم اسم> رحمه الله فعند ذلك ألف رسالة وسماها الصراط المستقيم في إثبات أن القرآن كلام الله الكريم؛ يعني رسالة في نحو أربعين صفحة أو خمسين صفحة أثبت فيها رحمه الله أن القرآن هو عين كلام الله، ونقل كلام العلماء المحققين الذين يقولون: إن القرآن هو عين هذا القرآن حروفه ومعانيه؛ ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف.
ولما اشتهر أن شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> رحمه الله كان يثبت أن القرآن كلام الله، وأن الله تعالى يتكلم كلاما حقيقيا أنكر عليه أهل زمانه، وكادوا أن يضللوه، ويكفروه، واستقدموه من دمشق اسم> إلى مصر اسم> ولما جاء إليهم سريعا على البريد قطع المسافة في سبعة أيام من دمشق اسم> إلى مصر اسم> سيرا حثيثا، فلما وصل إليهم انتصب له خصم يُقال له: ابن عدوان اسم> شافعي المذهب كان على معتقد الأشاعرة، وكان رئيس القضاة ويسمونه قاضي القضاة حنفي يقال له ابن مخلوف اسم> يعني أنه مشهور أن له مكانة فأحضر شيخ الإسلام عند ابن مخلوف اسم> وتصدى له ابن عدوان اسم> وقال: إني أدعي على هذا الحنبلي الفقيه، فقال: كيف تدعي فقال: أدعي عليه أنه يقول: إن الله يتكلم بحرف وصوت، وأنه يقول: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، وأنه على العرش بذاته، وأخذ يذكر مثل هذه الصفات فعند ذلك سألوا شيخ الإسلام عن معتقده، فقال لهم: مَن الحكم الذي نتحاكم إليه؟ فقالوا: هذا القاضي الذي هو قاضي القضاة، فقال: كيف يحكم علي وهو خصم، فإن الجميع خصوم؛ لأني على قول وهم كلهم يخالفوني، فغضب ذلك القاضي، وأمر بسجنه، وبقي في السجن أكثر من سنتين لأجل هذا القول أنه يثبت أن الله تعالى يتكلم، وأن كلام الله تعالى مسموع، واستدلوا بالآيات التي تقدمت رسم> وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قرآن> رسم> رسم> وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ قرآن> رسم> فيدل على أن هؤلاء متشددون في معتقدهم يعني: هؤلاء الأشاعرة، وأنهم ينكرون على كل من خالف ما يعتقدونه.
ويدل أيضا على أن لكل قوم وارث ذلك لأن الأولين الذين في عهد الإمام أحمد اسم> أنكروا عليه لما قال: إن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه، فعذبوه وجلد وضرب، وكذلك أيضا شيخ الإسلام في زمانه عذب وسجن وأوذي، وطال مكثه في السجن، لأجل هذا القول أنه يثبت أن القرآن كلام الله حروفه، ومعانيه وهكذا لا يزال في كل زمان من ينكر أن القرآن كلام الله، ومن يدعي أنه مخلوق، ولأجل ذلك أهل السنة رحمهم الله قديما وحديثا اعتنوا بالقرآن، واعتنوا بالعقيدة، وبينوا ما يُقال فيها من القول الصحيح:
الحق شـــمس والعيون نواظر | لكنها تخفى على العميـــان |
مسألة>