إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
258224 مشاهدة print word pdf
line-top
الكف عن الخوض فيما دار بين الصحابة في الفتنة وعدم التعرض له

من عقيدة المسلمين أنهم يَكُفون عن مساوئهم، فلا يذكرون الأخطاء التي وقعت من أحدهم، بل يعذرونهم إذا وقع من أحدهم خطأ في الاجتهاد أو نحوه. الأصل أنهم متحدون، فنكُف عن مساوئهم إن كان لهم مساوئ، وكذلك -أيضا- نكُف عن ما شجر بينهم القتال الذي حصل بين علي وطلحة ومن معه هذا كله فتنة، وكلهم مجتهدون، وكل مجتهد فله حظ من الاجتهاد، فنكُف عن الفتنة، وقعة الجمل، ووقعة صفين التي وقعت بينهم، فلا نذكرها بين الناس، بل نكف عنها.
وكذلك -أيضا- ما حصل من بعضهم على بعض من التفرق أو الإساءة والاستياء ونحو ذلك لا نتعرض لذلك، ونقول: أمرهم إلى الله تعالى فهو الذي يحاسب عباده وحيث إن لهم هذه السوابق فإننا نعتقد أنها تغفر لهم تلك الأخطاء وأن الله تعالى يُؤلِّف بينهم، ولو حصل من بعضهم شيء من الإحن على بعض أن الله تعالى ينزع ما في قلوبهم من الغل ويصيرون في الجنة إخوة متوادين متحابين.
نعتقد فضائلهم، وما فضلهم الله تعالى به، وما فضلهم به النبي -صلى الله عليه وسلم- ونعرف سوابقهم أي أنهم تقدموا على غيرهم، وسبقوا غيرهم بما فضلهم الله تعالى به من هذه السابقة.
فقوله تعالى مِنْ بَعْدِهِمْ يعم المتأخرين من الصحابة، ويعم التابعين، وتابعي التابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة؛ كل من جاء بعدهم عليه أن يقول رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا كل المؤمنين إخوة إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ الذين سبقونا بالإيمان أي فَضَلُونا وكانوا أسبق منا، ندعو لهم، ونسميهم إخواننا ونقول وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا فالذين في قلوبهم غِل للصحابة هؤلاء ليسوا منهم، ليسوا من هؤلاء الذين جاءوا من بعدهم. الغل: هو الحقد، والبغض والشنآن، والعداوة أي لا تجعل في قلوبنا بغضنا لهم، ولا حقدا عليهم، ولا حسدا لهم، ولا جحدا لفضائلهم، وسوابقهم ندعو ربنا أن يجعل في قلوبنا لهم مودة، ومحبة، ومواساة، وموالاة وذكرا لهم بأحسن ما يُذكرون به هذه صفة المؤمنين الذين يأتون من بعدهم.
يدل على أن الرافضة الذين في قلوبهم حقد للصحابة أنهم لا يدخلون في هذه الآية. ذكر عن الإمام أحمد -رحمه الله- أنه استنبط من هذه الآية أن الرافضة لا يعطون من الفيء الذي يقسم بين المسلمين؛ لأن الله تعالى جعل الفيء لهؤلاء الثلاثة في قوله تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إلى قوله: لِلْفُقَرَاءِ أي يعطى منه الفقراء من هذا الفيء، ثم قال: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ أي ويعطى الذين تبوءوا الدار من الفيء، ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ أي ويعطى الذين جاءوا من بعدهم من الفيء، فإذا كان الذين جاءوا من بعدهم يسبونهم فيشتمونهم، ويذكرون مساوئهم، فيكون في قلوبهم حقد لهم، فلا يكونون من أهل هذه الآية، ولا يستحقون شيئا من الفيء الذي يستحقه من يدعو لهم.

line-bottom