تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
258254 مشاهدة print word pdf
line-top
اعتقاد أهل السنة في القرآن

نعتقد أن القرآن منزل من الله تعالى وأنه غير مخلوق بل إنه كلام الله منه بدأ وإليه يعود.
منه بدأ: يعني هو الذي ابتدأ الكلام به هو الذي تكلم به فإن الكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدءا لا إلى من قاله مبلغا مؤديا؛ فأنت إذا قرأت قول الله تعالى عن فرعون فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى تقول هذا كلام الله حكاه عن فرعون أن فرعون هو الذي قال: أنا ربكم الأعلى وأنه قال مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فإذا حكيت الكلام عن القائل الأول قلت هذا كلام فلان.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما قال: أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل قلنا هذا كلام لبيد ليس كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن لبيد هو الذي ابتدأ هذه الكلمة فنسبت إليه.
وإذا قلت إنما الأعمال بالنيات قلت هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولو أنك سمعته من غيره فإنه الذي ابتدأه فهو كلامه عليه الصلاة والسلام .
القرآن سور محكمات وآيات بينات وحروف وكلمات فيه سور؛ قال تعالى: سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا فسماها سورة وقال تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فجعل المنزل سور واحدها سورة وقال تعالى: يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ فأخبر بأنها سورة تنزل عليهم سورة، وقال تعالى: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا إلى قوله: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ .
وكذلك قوله وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وغير ذلك يدل على أنه سور؛ وللإحصاء أنه مائة وأربع عشرة سورة منه سور طويلة كالبقرة؛ ومنه سور قصيرة كسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وسورة إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ؛ ومنه ما هو بين ذلك وكل سورة لها مبدأ ولها منتهى.
وفي الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب من قصار المفصل –يعني- من السور القصيرة؛ وفي الفجر من طوال المفصل؛ -يعني- من السور الطويلة في المفصل؛ وكذلك ذكروا أنه كان يقرأ سورة طويلة.
وكذلك الصحابة بعده كانوا يقرءون سورا فالقرآن فيه سور محكمات والمحكم هو الذي ليس فيه خلل قال تعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ وقال تعالى: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ –يعني- كل القرآن محكم –يعني- متقن ليس فيه خلل ولا نقص ولا عيب هذا معنى قوله: مُحْكَمَاتٌ .
وآيات بينات هكذا جاء القرآن قال تعالى: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ –يعني- في هذا القرآن (والآيات) هي في اللغة العلامات الآية هي العلامة والسورة في الأصل أو في اللغة هي الدليل ونحوه يقول شاعر العرب:
ألم تر أن الله أعطـاك سـورة
ترى كل ملك دونها يتذبــذب
سورة –يعني- برهانا أو حجة أو قوة ومنعة لا يستطيعها أحد (والآيات) هي العلامات في قوله وَآيَةٌ لَهُمُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ يعني لعلامات (والبينات) الواضحة آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ يعني واضحات؛ والحروف (الحرف) في الأصل هو طرف الشيء ومنه حرف الوادي –يعني- طرفه ثم يطلق على أحد حروف الكلمة يعني أجزائها التي تتكون منها.
(والكلمة) هي القول المفرد اللفظة المفردة أو الجملة يطلق على الجملة أنها كلمة كما قال تعالى إخبارا عن الذي يتمنى يقول حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا مع أنها جملة رَبِّ ارْجِعُون لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ فحسبناها فإذا هي سبع كلمات يعني سبع قولات مفردة، ولكن الله جعلها كلمة فأصل الكلمة هي اللفظة التي تكتب حروفها مجتمعة.
(من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات) هكذا ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف يعني فجعل ألم ثلاثة حروف؛ وجعل فيها ثلاثين حسنة لمن قرأها؛ إذا قرأه فأعربه يعني قرأه وأتقنه وعرف لفظه ونطق به نطقا صحيحا ليس فيه اختلال وليس فيه غلط؛ فإن الله تعالى يثيبه على ذلك ويعطيه بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها.
(له أول وآخر) إذا قرأناه قلنا هذا كلام الله في المصحف أوله سورة الفاتحة وآخره سورة الناس؛ (وله أجزاء وأبعاض) جزأه الصحابة وجعلوه ثلاثين جزءا كل جزء محصور أول وآخر أجزاء وأبعاض يعني يقال –مثلا- سورة البقرة بعض من القرآن يعني جزء منه أو قسم منه متلو بالألسنة يقرؤه الناس قال تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وقال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ فهو متلو بالألسنة محفوظ في الصدور.
إذا اهتم به المسلم حرص على أن يحفظه؛ ورد في صفة هذه الأمة أن أناجيلهم في صدورهم –يعني- أنهم يحفظون القرآن في صدورهم ويسر الله تعالى حفظه لمن اهتم بذلك قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فهو محفوظ في الصدور مسموع بالآذان إذا قرأه القارئ فإنه يسمع قال تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ فدل على أنهم يسمعونه بآذانهم وقال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ فدل على أنه مسموع.

وقال تعالى: وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ والسمع لا يكون إلا بالآذان يعني بالسمع الذي سماه الله تعالى سمعا في قوله: فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا مكتوب في المصاحف: يعني كتبه الصحابة كلما نزل آية أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتبوها في موضع كذا اجعلوها في موضع كذا وكذا فكانوا يكتبونه.
ثم إنهم بعد موته صلى الله عليه وسلم كتبوه كله حتى لا يفقد منه شيء ثم في عهد عثمان كتب مرتبا على هذا الترتيب في المصحف ولم يزل الناس ينسخونه ويكتبونه بأيديهم ويطبعونه بعد وجود هذه المطابع ولا يتغير عن كونه كلام الله فيه محكم ومتشابه كما قال تعالى: مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ يعني مرجعه وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ .
(والمتشابه) هو الذي يشتبه على بعض الناس أو يشتبه وجه دلالته أو يشتبه أصل معناه الغيبي الذي لا يعلمه إلا الله وهو كيفيته التي أخفيت عنا.
فيه متشابه: قد يطلق المتشابه على المتماثل الذي يشبه بعضه بعضا كما قال تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وقال تعالى: كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ مُتَشَابِهًا –يعني- يشبه بعضه بعضا في الجودة والقوة والأسلوب.
(فيه ناسخ ومنسوخ) آيات نزلت قديما لمناسبة ثم جاء بعدها ما ينسخها لمناسبة أخرى؛ ففيه آيات ناسخة وفيه منسوخة قال تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا وقال تعالى: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ فدل على أن الله تعالى نسخ منه آيات.
(وفيه خاص وعام) يعني فيه آيات على الخصوصية يخص بها قوم كالآيات التي نودي بها المؤمنون يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وآيات عامة كالآيات التي خوطب بها الناس يَا أَيُّهَا النَّاسُ فيقال هذه عامة وهذه خاصة.
( وفيه أمر ونهي) مثل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ؛ أخبر بأنه يأمر وينهى ينهى عن الفحشاء والمنكر ففيه أوامر ونواهي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ –يعني- لا أحد يقدر على أن يطعن فيه ولا أن يأتي فيه بباطل بل هو حق لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ –يعني- من أي وجه من الوجوه تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ من الله تعالى وحده.
تحدى الله تعالى الناس أن يأتوا بمثله فعجزوا قال تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فلم يقدروا وقال الله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ؛ لو اجتمعوا الإنس كلهم والجن كلهم وحاولوا أن يأتوا بقرآن مثل هذا القرآن لا يمكن لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا –يعني- مساعدا وممدا لا يمكن أن يعارضوه ولا أن يأتوا بمثله.
تحداهم بعشر سور في قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فلم يقدروا وتحداهم بسورة وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ؛ ثم قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا دليل على عجزهم وأنه لا يمكنهم أن يأتوا بسورة من مثل سوره؛ فكل ذلك دليل على أنه كلام الله.
.. نتوقف عند قوله ( وهو هذا الكتاب العربي) ..

line-bottom