شرح لمعة الاعتقاد
مسألة إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة
بعد ذلك ذكر المؤلف رحمه الله مسألة الرؤية أن المؤمنين يَرون الله تعالى في الآخرة بأبصارهم، رؤية حقيقية بالأبصار يرونه بأبصارهم وفي الجنة يزورونه، ويكلمهم بكلام يسمعونه، ويكلمونه استدل على ذلك بهذه الآيات قال الله تعالى: رسم> وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قرآن>
رسم> كُتِبت الكلمة الأولى بالضاد معناه أنها ناضرة يعني مشرقة؛ النضرة هي البهاء والجمال قال تعالى: رسم>
وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً قرآن>
رسم> أي بهاء وجمالا وسرورا رسم>
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قرآن>
رسم> كتبت بالظاء أي تنظر إلى ربها عِيانا.
واستدل أيضا بقول الله تعالى: رسم> كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قرآن>
رسم> وهم الكفار يقول تعالى: رسم>
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ قرآن>
رسم> أي ذنوبهم طمست قلوبهم كلا إنهم عن ربهم يومئذ يعني في الآخرة لمحجوبون ممنوعون أن يروه.
يقول: لما حجب أولئك وهم الكفار في حال السخط، دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضا أنهم لا يكونون محجوبين، وإلا لم يكن بينهما فرق لو كان المؤمنون لا يرونه لكانوا أيضا محجوبين عن رؤيته، فثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته متن_ح>
رسم> .
وكان في ليلة أربعة عشر نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى القمر فقال: رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته متن_ح>
رسم> أي لا يلحقكم ضيم يعني: ضرر، وفي رواية لا تضامون يعني: لا ينضم بعضكم إلى بعض بل ترونه في أماكنكم لا تُضامون في رؤيته.
قوله: كما ترون هذا القمر، يقول: شبَّه الرؤية بالرؤية يعني ترونه رؤية حقيقية، وليس تشبيها للمرئي بالمرئي يعني: ليس تشبيها لله تعالى بالقمر، فإن الله تعالى لا شبيه له، ولا نظير له، لقوله تعالى: رسم> لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ قرآن>
رسم> فهذا الفصل يتعلق ...
وذلك لضعف البشر عن أن يثبت أمام رؤية الله تعالى وأمام النظر إليه فهذا هو القول الصحيح ذهب بعض الصوفية ونحوهم إلى إمكان رؤيتهم لله، ويقولون: إن الأبدال يرون الله أو أن النجباء والنقباء يمكنهم أن يرون ربهم في الدنيا، فخالفوا بذلك ما دلت عليه الأدلة ..وذهب بعض السلف.
روى عن ابن عباس اسم> رسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة الإسراء رسم> وجعل ذلك من خصائصه والجمهور على أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه لما أسري به وذلك لما في صحيح مسلم اسم> عن أبي ذر اسم> أنه قال: يا رسول الله رسم> هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه متن_ح>
رسم> وفي رواية: رأيت نورًا أي كيف أراه، وكيف أتمكن إنما رأيت نورًا، وهذا النور هو الذي يحتجب الله تعالى به.
ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في صفة ربه رسم> حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه متن_ح>
رسم> .
فجعل أو أخبر بأن لله تعالى حجابا، أنه احتجب بهذا النور، وأنه لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه؛ في الحديث رسم> أن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل حجابه النور متن_ح>
رسم> فإذا كان كذلك، فإن البشر لا يتمكنون من رؤية الله في الدنيا.
وكذلك ذكرنا أن موسى اسم> لم يتمكن من رؤية الله لما اندك الجبل صَعِق موسى اسم> وقال: لما صعِق موسى اسم> في رؤيته للجبل خرَّ موسى اسم> صعِقا، ثم قال: رسم> سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قرآن>
رسم> بعظمتك، وأن البشر لا يقدرون على أن يصلوا إلى معرفتك، وما يقوى رؤيتك معرفة كيفية ذاتك رؤيتك، ولذلك صعق فدل على أنه لا يمكن أن يراه أحد في الدنيا.
وأما في الدار الآخرة فإن الله تعالى يقوي المؤمنين، ويتمكنون من رؤيته وأما الكفار فإن الله تعالى ذكر أنهم محجوبون عن ربهم لا يمكن أن يروه وأن حجابهم يُعتبر عذابًا لهم.
لكن قد ورد حديثً يُفهم منه أنهم قد يرونه في الآخرة في عرصات القيامة، وردت أحاديث كثيرة في أن الله تعالى يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده.
فذكر في الحديث حديث الشفاعة يقول: إذا جاءوا إليه صلى الله عليه وسلم رسم> يقول فأذهب فأدخل على ربي فإذا رأيته خررت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقول: يا محمد اسم> ارفع رأسك، وقل تُسمع وسل تُعط واشفع تشفع متن_ح>
رسم> .
فأفاد بأنه يرى ربه في الآخرة، فإذا رأيت ربي وفي حديث آخر ذكر رسم> أنه في يوم القيامة يُقال: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تعالى في صورة غير الذي يعرفون فيقولوا: أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه فيكشف عن ساق فيخر من كان يسجد لله طوعا واختيارا، وأما الذين لا يسجدون طوعا واختيار، فإنهم يمنعون من السجود كلما أراد أحد أن يسجد خر على قفاه متن_ح>
رسم> .
ثم يُعطون أنوارا يسيرون بها فإذا ساروا قليلا انطفأ نور المنافقين فيُقال لهم ارجعوا إذا قالوا رسم> انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ قرآن>
رسم> ينادونهم يعني أن المنافقين ينادون أهل الجنة رسم>
أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى قرآن>
رسم> .
ففي هذا أنهم يرون الله يعني المنافقون والمؤمنون في عرصات القيامة، ولعل ذلك رؤية خاصة ليست هي الرؤية التي تكون في الجنة، يعني: أنها رؤية خاصة، وإذا كان كذلك، فإن الكلام على الرؤية في الجنة، والذي ورد فيه الأدلة وذكر العلماء عليه الأدلة الواضحة التي تدل على أن القرآن كلام الله على أن القرآن الذي هو كلام الله قد أوضح الدلالة، وبينها فلم يبقَ شبهة.
وقد ذكر ابن القيم اسم> رحمه الله تعالى نحو سبع آيات من القرآن تدل على إثبات الرؤية، وبين دلالتها، وبدأها بقصة موسى اسم> وذلك لأن المعتزلة ينكرون رؤية الله حقيقة فيقولون: لا يمكن أن يرى لأنهم في زعمهم أن الله تعالى ليس في جهة فلذلك يقولون: يلزم من إثبات الرؤية الجهة، فيلزم أن يكون في حيز إلى آخر ما يعبرون به، فأنكروا رؤية الله تعالى في الآخرة وبالغوا في إنكارها.
وأما الأشاعرة فلما كانوا يتظاهرون بأنهم من أهل السنة وأنهم على معتقد أو على مذهب الأئمة لم يجدوا بُدًا من الاعتراف برؤية الله تعالى، ولكن لم يثبتوا رؤية حقيقية، وإنما جعلوا الرؤية مكاشفات يعني: أنهم يكشف لهم عن قلوبهم مكاشفات يكون من آثارها كأنهم يرون الله تعالى، فينكرون الرؤية البصرية التي هي رؤية الله تعالى بأبصارهم، فإن ذلك في زعمهم محال؛ لأنه يستلزم خلاف ما يعتقدونه من أن الله تعالى ليس في جهة كما يعبرون؛ فاتفقوا مع المعتزلة على نفي الرؤية حقيقية، وأثبتوا رؤية خيالية.
وبعد ذلك المعتزلة لا بد أن لهم شبهات يشبهون بها على من يكون معهم على هذا المعتقد.
ذكروا من أدلتهم هذه القصة عن موسى اسم> لما قال الله له رسم> لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> فقالوا رسم>
لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> يعني دليل على أن موسى اسم> لا يراه لا عاجلا، ولا آجلا رسم>
لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> هذه شبهة لهم فنقول لهم: هل أنتم أعلم من موسى اسم> موسى اسم> الذي كلمه الله تعالى تكليما يسأل ربه، ويقول: رسم>
رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن>
رسم> أليس ذلك دليلا على أنه يعتقد إمكان رؤية الله تعالى.
لستم أعلم بالله تعالى من عبده ورسوله الذي كلمه الله تعالى تكليما وأسمعه كلامه، ثم نقول لهم: إن الله تعالى ما عاتبه ولا أنكر عليه إنكارا شديدا كما عاتب نوحًا اسم> لما رسم> فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي قرآن>
رسم> فأنكر عليه بقوله رسم>
إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قرآن>
رسم> .
أنكر الله على نوح اسم> لما سأل نجاة ابنه ولم ينكر على موسى اسم> لما قال رسم> رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن>
رسم> بل قال: لن تراني أي في الدنيا لا تقدر على رؤيتي، ولا تثبت أمام رؤيتي وذلك لضعف بنية البشر في هذه الدنيا؛ فلا يقدرون على الثبوت أمام جلال الله عز وجل، ثم من الأدلة على إمكان الرؤية أن الله تعالى قال: رسم>
وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي قرآن>
رسم> وما أظن أن الجبل في الإمكان أن يستقر، وقد علق الله تعالى رؤية موسى اسم> على استقرار الجبل، واستقراره ممكن، فدل على إمكان الرؤية، فإنه صريح في أنه سوف يراه، فسوف تراني إن استقر الجبل.
ثم ذكر الله أنه تجلى للجبل؛ تجلى للجبل وإذا جاز أن الله يتجلى للجبل جاز أن يتجلى لعباده يوم القيامة حتى يروه عيانًا بأبصارهم في الجنة، وفي الدار الآخرة، فإن هذا صريح أنه تجلى، والمعتزلة يُنكرون أن يكون الله يتجلى لأحد؛ لأنهم ينكرون أن ربهم في جهة، تعالى الله عن قولهم.
وأهل السنة يعتقدون أن الله تعالى بذاته فوق سماواته وأنه قريب من عباده.
ثم يقول العلماء: إن كلمة لن في قوله رسم> لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> لا تدل على النفي المؤبد، ولهذا يقول ابن مالك اسم> في الألفية:
ومن رأى النفي بلـن مؤبـدا | فقوله اردد وســواه أيـــدا |
ثم أيضا قد ذكر الله تعالى أن اليهود لا يتمنون الموت في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
كذلك أيضا من أدلتهم الآيات التي في سورة الأنعام وهي قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقد دل على الفرق بين الرؤية والإدراك القرآن قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
روي أن رجل استشكل الآية عند ابن عباس اسم> فقال له ابن عباس اسم> ألست ترى القمر؟ قال: بلى قال: أَكُلَّه؟ قال: لا، قال: فذلك الإدراك يعني أنت الآن ترى القمر، ولكن هل تراه كله أو ترى ما يقابلك منه لا تراه جميعا ثم أيضا أنت إذا رأيت القمر هل يتبين لك ماهيته؟ هل القمر من تراب؟ هل هو من حجارة؟ هل هو من زجاج هل هو من عظام من أي شيء هو؟
إنما نرى ما يقابلنا منه، ولا ندرك ماهيته، ولا ندرك أيضا كنهه فكذلك إذا تجلى الله تعالى لعباده، فإن ذلك لا يدل أنهم يُدركون ماهيته، ولهذا حُجِب عنهم إدراك الماهية لما أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أخبِرنا يا محمد اسم> عن ربك هل ربك من ذهب؟ هل هو من فضة؟ فحجب الله تعالى ذلك عنهم، وحال بينهم وبين إدراكه، وأنزل قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فعرفنا أن الآية دليل على إثبات الرؤية؛ يعني متى رأته الأبصار فإنها لا تحيط به، ثم إن الآية وردت في التمدح، يمدح الله تعالى بها نفسه، وقبلها قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فهذه أدلة هؤلاء، وعرفنا أنها أدلة لأهل السنة فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> أنا ألتزم أن كل من استدل بحق على باطل أن أرد عليه من نفس ذلك الدليل يعني: أن يرد عليهم من دليلهم الذي استدلوا به إذا كان دليلا صحيحا، فهذه الآية دلالة آية صريحة، وآية من كلام الله رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ذكر الله تعالى أن الأرض قبضته، وأن السماوات مطويات بيمينه، فكيف يمكن إدراك الأبصار لكنهه ولعظمته، ثم الأدلة واضحة على إثبات الرؤية، ولكن المعتزلة وورثتهم لا يقنعون بها بل يحرفونها ويغيرون دلالتها قد ذكرنا أن في هذا العصر من يقول برأي المعتزلة، ويذهب مذهبهم كالإباضية والرافضة، وأن مفتي الإباضية اسمه أحمد بن حمد الخليلي اسم> موجود الآن في عمان اسم> ممن يُنكر الرؤية، وأنه ألف له كتابا سماه الحق الدامغ، الحق الدامغ ضمنه ثلاث مسائل المسألة الأولى إنكار الرؤية، والثانية أن القرآن مخلوق، والثالثة: إنكار قدرة الله أن الله ليس على كل شيء قدير، وذكر شبهات شبه بها على هذه الأقوال.
وفي أيضا تلك الدولة تلاميذ له ألف بعضهم رسالة سماها السيف الحاد في إنكار دلالة أخبار الآحاد، أو في عدم الاحتجاج بأخبار الآحاد يعني: أنهم لا يحتجون بالأحاديث التي في الصحيحين وغيرهما؛ لأنها أخبار آحاد هكذا يقولون، ثم رد عليه في هذا الكتاب الدكتور صابر بن عبد الرحمن طعيمة اسم> يعني رد عليه في هذه المسائل الثلاث.
وكذلك أيضا رأيت قبل ثلاثين سنة أو نحوها رسالة ماجستير لامرأة من تلك الدولة من الإباضية تقدمت بها إلى جامعتهم، ومنحت درجة عالية درجة الماجستير لما أنها ناقشت مسألة الرؤية، وحرفت في الأدلة التي تدل على إثبات الرؤية، ونتج من قولها أنها تنكر إثبات رؤية الله تعالى.
كذلك ذكرنا أيضا أنهم قبل سنتين أو في ثلاث سنين كان هناك في قطر اسم> شيخ يُمكن أن تعرفونه عبد الرحيم الطحان اسم> ألقى محاضرة في قطر اسم> في إثبات الرؤية، وذكر أدلتها، ووضح دلالتها بأسلوبه البليغ الذي تعرفون؛ لأنه إذا تكلم في موضوع أوفاه حقه، وأتى فيه بالأدلة، فلما اشتهرت محاضرته، وسجلت، وانتشرت، وكان فيها قناعة يمكن أن بعضكم قد سمعها لما كان فيها قناعة، ودلالة واضحة خاف هذا الخليلي اسم> أن ينخدع بها أهل دولته، وأن يتأثروا بها لقوة الأسلوب فيها، فألقى محاضرة ردا عليه، ومناقشة له في زعمه، وإبطالا لتلك الدلالات التي استدل بها الطحان اسم> ثم سجلت أيضا محاضرة هذا الخليلي اسم> ثم لم يكتفِ بتسجيلها حتى فرغت وطبعت برسالة سمَّاها، ..وسقط القناع، وهو بلا شك ردٌّ إلى أنها ساقطة رسالته ساقطة، وأن كلامه ساقط، وكله تحريف للآيات، وإنكار لدلالتها وفي هذا دليل على أن لكل قوم وارث.
فإن هذا لما شرق بالحق ورأى أدلة واضحة لم يستطع أن يتحمل، وخاف أن قومه الذين كانوا على طريقته ينخدعون في زعمه لهذه الأدلة ولهذا يتحاشون إلى الآن أن تدخل عليهم شيء من كتب أهل السنة، وبالأخص كتب المملكة اسم> ومن على نهجهم يتحاشون حتى ذكر لنا بعض الإخوة أنه دخل ومعه مصاحف من القرآن، ولم يأذنوا في إدخالها لأنها جاءت من السعودية اسم> في زعمهم أن السعوديين على خلاف ما هم عليه، وأنهم يخالفونهم، وما قبلوها إلا بعد أن فتشت ورقة ورقة يخشون أن فيها شيئا مما يغير عليهم معتقدهم، فدل على تشددهم في معتقدهم.
وقبل عشرين سنة كانت المملكة اسم> ترسل لهم مدرسين مدرسون على حساب الدولة هي التي تعتني برواتبهم، ويستقدمون أيضا من مصر اسم> مدرسين يقومون هم برواتبهم، فيفضلون المصريين على السعوديين، ولا يسندون إلى السعودي شيئا من تدريس الدين، يعني: الأحكام والعقائد، وإنما يسندون إليه دروس آليات كالرياضيات وما أشبهها.
يقولون: في زعمهم أنه يُخشى أنه يدنس عقائدهم عقائد الطلاب، وأنه يغير عليهم معتقدهم، ولا يأذنون لأحد من السعوديين في أن يتولى إمامة مسجد أو صلاة بجماعة.
ذكر بعضهم يقول: كنت بجوار مسجد في رمضان لا يُصلَّى فيه؛ لأن الذين حوله كلهم عوام، يقول: فرغبوا إلي أن أتقدم لأصلي بهم في رمضان قيام رمضان، فلما صليت بهم يومين جاءني من منعني، فقلت: إني إذا تركتهم لم يصلوا، فقالوا: اتركهم لا يصلون لا تصل بهم، ولو تركوا الصلاة، اجعلوا لهم إماما يصلي بهم ولو على معتقدكم لا نجد، فهذا كله من حقدهم ومن تشددهم في أمر معتقدهم، فيدل على أن لكل قوم وارث؛ فنعرف بذلك أن معتقد أهل السنة هو أن المؤمنين يَرون الله تعالى في الدار الآخرة في الجنة وأن رؤيتهم له من تمام النعيم.
لما استدل ابن القيم اسم> وغيره بقول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
بل الأمر أعظم من ذلك، بل إن وجوههم تشرق إذا نظرت وجه ربهم، أي إذا نظروا إلى وجه الله تعالى.
واستدل ابن القيم اسم> كما ذكرنا بسبعة أدلة من القرآن الآية الأولى: قصة موسى اسم> وهي قوله رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والآية الخامسة: قول الله تعالى الآية التي ذكر شيخنا رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والآية السادسة: قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأما الأحاديث فقد ذكر أكثر من أربعين حديثا أو قريبا منها، وسردها وذكر مراجعها التي نقلها منه، ومن جملتها هذا الحديث؛ حديث جرير اسم> الذي فيه رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وهذا الحديث إنكم سترون ربكم رواه جرير بن عبد الله البجلي اسم> ورواه عن جرير اسم> تلميذه الذي هو قيس بن أبي حازم اسم> وقيس اسم> هذا أدرك الجاهلية، وأسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ما رآه ، فيسمى مخضرما.
وروى عن أبي بكر اسم> وروى عن أكابر الصحابة، وهو ثقة مشهور مشهود له رواه عن قيس اسم> إسماعيل بن أبي خالد اسم> ومعه غيره يعني يمكن أن الذين رووه عن قيس اسم> نحو ستة أو سبعة.
وأما إسماعيل اسم> فإنه رواه عنه أكثر من مائة من أعلام المحدثين سرد منهم ابن القيم اسم> أسماء كثيرة الذين رووه عن إسماعيل بن أبي خالد اسم> ولا يُقال: إن أولئك كانوا مشبهة أئمة مشاهير من علماء الأمة كسفيان الثوري اسم> وشعبة بن الحجاج اسم> والليث بن سعد اسم> وأبي عمرو الأوزاعي اسم> ومالك بن أنس اسم> ومن في زمانه من جهابذة العلماء فهل يُقال إنهم لما رووا هذا الحديث وأقروه إنهم مشبهة على زعمكم أيها المعتزلة؟!
وأما الأحاديث الأخرى فهي أيضا صريحة مثل قولهم من حديث أبي هريرة اسم> رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وهكذا أيضا رواه أبو سعيد اسم> بهذا اللفظ تجدون حديث أبي سعيد اسم> وحديث أبي هريرة اسم> في صحيح مسلم اسم> وفي صحيح البخاري اسم> في كتاب الإيمان في صحيح مسلم اسم> وكذلك أيضا حديث أبي موسى اسم> وفيه قوله صلى الله عليه وسلم رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ورداء الكبرياء يكشفه إذا شاء وهو الحجاب الذي أنه يكشف الحجاب حين ينظرون إليه، وفي حديث صهيب اسم> وغيره أخبر النبي صلى الله عليه وسلم رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
أحاديث صريحة الخليلي اسم> في كتابه لما أتى إليها لم يلتفت إليها وادعى أنها مضطربة، ولو كانت في الصحيحين، بل لا يعترفون بالصحيحين.
ذكر لنا بعض الإخوة في موسم الحج الماضي أنه حضر أحد المشائخ في مسجد تكلم على أمور العقيدة، والأسماء والصفات، ولما انتهى من كلمته قام أحد هؤلاء الإباضية، وقال: لا تسمعوا لهذا، ولا تغتروا بكلامه، فكل كلامه خطأ وكل كلامه كذب، ولا تغتروا بصحيح البخاري اسم> فصحيح البخاري اسم> ملئ بالأحاديث المكذوبة يقولها علنا أمام الناس، ولكن أكثر الناس أنكروا عليه، وقبضوا عليه حتى أخرجوه مهينا مما يدل على أنهم متأثرون بمفتيهم هذا الذي أضلهم، ثم لم يزل أهل السنة يوردون الأدلة متقدميهم، ومتأخريهم.
ومنهم الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي اسم> رحمه الله لما أنه نظم منظومته التي في السنة، وسماها سلم الوصول إلى علم الأصول أمره شيخه ... أن يقرأها ويشرحها، فشرحها وتوسع في شرحها وطبع شرحه في مجلدين، وسماه معارج القبول شرح سلم الوصول لما أتى على الرؤية توسع فيها أيضا فذكر الآيات التي ذكرها ابن القيم اسم> وذكر دلالتها، ثم ذكر الأحاديث، وساق الأحاديث الصحيحة التي يُقال: إنها من أصح الأسانيد، واقتصر عليها وهي مع ذلك واضحة جلية.
يراجع كتابه معارج القبول، ويراجع أيضا كتاب ابن القيم اسم> الذي هو حادي الأرواح؛ يَتبين من ذلك كله ما كان عليه أهل السنة رحمهم الله من الاعتناء بالعقيدة...
نتوقف هاهنا...
مسألة>