إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح لمعة الاعتقاد
294146 مشاهدة print word pdf
line-top
الحكمة في أفضلية الصحابة

لا شك أن هذا دليل على ما حباهم الله تعالى به من الفضل؛ وذلك لأنهم أسلموا في حال ضعف الإسلام وقلة أهله؛ فعرفوا الإسلام وعرفوا أهميته، وعرفوا التوحيد وعرفوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وصدقوه من كل قلوبهم، ورسخ الإيمان في قلوبهم؛ فالإيمان في قلوبهم أرسى من الجبال؛ ولهذا صبروا على الأذى، وصبروا على العذاب، فمنهم من أوذي في مكة وشدد عليهم في الأذى، وضربوا وحبسوا وألقوا في الشمس، وألقيت الصخور على صدورهم، ولم يصدهم ذلك عن إيمانهم.
ومنهم من تكبد المشقة، فانتقلوا من مكة إلى الحبشة التي تعرف الآن بإثيوبيا ؛ انتقلوا هناك، وآثروا تلك البلاد البعيدة التي أهلها من الحبشة ؛ ليسوا من العرب، آثروها حتى يأمنوا على دينهم، وتركوا بلادهم التي هي حبيبة إليهم، وتركوا أموالهم وتركوا أقوامهم وعشائرهم، هجروا أهليهم كلهم وأقاربهم في ذات الله تعالى، فكان ذلك سببا أو دليلا على فضلهم، ثم لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم رجع الذين كانوا بالحبشة وجاء أيضا الذين كانوا بمكة ولم يهاجروا هاجروا إلى المدينة وتركوا أموالهم لله تعالى كما ذكر عن صهيب وخباب أنهم تركوا أموالهم، ونزل في أحدهم قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ؛ ذلك لأنه كان له أموال وله ديون، فلما أراد أن يهاجر منعه أهل مكة فقالوا: جئتنا وأنت فقير، وكيف تخرج بهذه الأموال التي اكتسبتها عندنا؟ فقال: أشتري منكم نفسي، الأموال كلها لكم التي عند فلان وفلان وفلان، فخرج فريدا بنفسه، أليس ذلك دليلا على أنهم آثروا الإيمان؟ وأن الإيمان امتلأت به قلوبهم؟
ذلك بلا شك دليل على فضلهم، والأدلة على فضلهم كثيرة لو لم يكن منها إلا غزوهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعرضهم للقتال وإنفاقهم أموالهم، وما يملكون كلها في سبيل الله سبحانه وتعالى، فهذه أدلة فضائلهم.

line-bottom