إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح لمعة الاعتقاد
272191 مشاهدة print word pdf
line-top
الطعن في الخلفاء الراشدين والرد عليه مع ذكر فضائلهم

وأفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم علي المرتضى رضي الله عنهم لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نقول -والنبي صلى الله عليه وسلم حي- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ؛ فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره.
وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت سميت الثالث. وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر .
وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على تقديمه ومبايعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة.
ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله، وعهد أبي بكر إليه، ثم عثمان رضي الله عنه لتقديم أهل الشورى له، ثم علي رضي الله عنه لفضله، وإجماع أهل عصره عليه، وهؤلاء الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وقال صلى الله عليه وسلم: الخلافة من بعدي ثلاثون سنة فكان آخرها خلافة علي رضي الله عنه.
فصل في العشرة المبشرون بالجنة.
ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها، كقوله: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وقوله لثابت بن قيس إنه من أهل الجنة .
ولا نجزم لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من جزم له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكنا نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، ونرى الحج والجهاد ماضيين مع طاعة إمام برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة، قال أنس رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله عز وجل حتى يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار رواه أبو داود.


السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما ذكره - الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وكذلك عموم الصحابة رضي الله عنهم.
وسبب ذلك كما ذكرنا بالأمس طعن الرافضة في الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان وتكفيرهم لأكثر الصحابة، واشتهار هذا عنهم؛ اشتهار طعنهم في الخلفاء و.. لهم؛ وذلك لأن عليا رضي الله عنه لما كان في العراق كان يسير سيرة حسنة؛ فأحبه أكثر أهل العراق لحسن سيرته وحسن معاملته، وكذلك معاوية لما كان في الشام أحبه أهل الشام ؛ وذلك لسيرته الحسنة فيهم وتمسكوا به، ولما قتل عثمان استاء لذلك معاوية لأنه ابن عمه، ووافقه على ذلك أهل الشام فقالوا: لا بد أن نأخذ بثأر عثمان ثم حصلت الوقعات بين أهل الشام وبين أهل العراق وقُتل فيها خلق.
علي رضي الله عنه بقي في العراق يسير فيهم سيرة الخلفاء والسيرة الحسنة، ولما قتل رضي الله عنه، وبويع بعده للحسن رأى الحسن رضي الله عنه أن هذا مما يسبب كثرة الخلاف وكثرة القتال؛ فتنازل عن الخلافة لمعاوية وبايعه على حقن الدماء، فتمت البيعة من بعد ذلك لمعاوية ولكن كان يتهم عليا أنه ممن رضي بقتل عثمان ؛ فلم يكن يترضى عنه، مع أن الحسن اشترط عليه عدم السب وعدم الشتم.
وبعد موت الحسن كأنه صار يأمر بشتمه وبعيبه، وأخذ ذلك بنو أمية والخلفاء من بعده، فصاروا يسبون عليا رضي الله عنه، وبالأخص لما تولى الحجاج على العراق وبقي واليا عليه نحو عشرين سنة، فإنه كان يسب عليا على المنبر، ويأمر الخلفاء بلعنه، ولا شك أن هذا مما يغضب أحبابه الذين يحبونه، ويكون له في قلوبهم منزلة، فكانوا إذا سمعوا سباب هؤلاء الخطباء على المنبر يجتمعون بعد ذلك، ويتناقلون فضائل علي ولم يزالوا كذلك، ثم لم يقتصروا على الصدق، دخل معهم من يريد المبالغة في محبة علي وكذبوا؛ فصاروا يكذبون يختلقون أحاديث في فضائل علي ويجمعون من على شاكلتهم وعلى طريقتهم.
ولما أكثروا من ذكر تلك الأكاذيب التي ابتدعوها في فضائل علي صار أتباعهم ينكرون عليهم ويقولون: كيف تكون لعلي هذه الفضائل ومع ذلك لا تكون له الخلافة؟ وكيف يتقدم عليه أبو بكر وعمر وعثمان ؟ فلم يجدوا بدا من أن يختلقوا أكاذيب يطعنون بها في أبي بكر وعمر وعثمان ويدعون أنهم مغتصبون.
ثم تجاوزوا ذلك إلى أن طعنوا في الصحابة حتى يرضوا أتباعهم، فقالوا: إن الصحابة كتموا الخلافة، إن الصحابة كتموا الوصية، إن عليا هو الوصي، وإن هؤلاء جميعا لما بايعوا أبا بكر اعتبروا مرتدين، فتبرءوا من جميع الصحابة إلا أفرادا قليلين، فتوارثوا ذلك وسموا أنفسهم شيعة علي واشتهر ذلك في العراق اشتهر هذا الطعن في الخلفاء الراشدين وفي الصحابة في العراق عمدتهم على أكاذيب يقصدون بذلك الكذب أن يكثر أتباعهم، وأن يرضوا أتباعهم على ما هم عليه، وأن يبينوا لهم أن الحق معنا، وأننا صادقون فيما نقوله في أبي بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة، وأنهم ظلمة وخونة، وأنهم كتموا وكتموا.
فوقع في نفوس أتباعهم تصديقه، وخيل إليهم أن الصحابة كتموا الوصية، وأن عليا هو الوصي، وهو الأحق بالولاية، وهو الأحق بالخلافة، وأن جميع من وافقوا أبو بكر وبايعوه وبايعوا بعده الخلفاء أنهم ارتدوا؛ حيث كتموا هذه الوصية، وكتموا حق علي وبخسوا عليا حقه، هذا كله أثارهم عليه هؤلاء من الخلفاء أو من الأمراء الذين يشتمون عليا على المنابر، قالوا: نريد أن نذب عن علي ولكن تجاوزوا الحد إلى أن رفعوه فوق مقامه، وأعطوه فوق ما يستحقه، واختلقوا في فضائله أشياء كثيرة مذكورة في كتبهم.
وقد ناقشهم العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه من أهل السنة النبوية في رده على ابن المطهر الذي سمى كتابه: من أهل الكرامة في تحقيق الإمامة ، وفيها أكاذيب يشهد كل ذي عقل أنها موضوعة لا أصل لها، سمعها أتباعه فصدقوه، وقالوا: هذه فضائل لا يلحقه فيها غيره، وليس أحد أفضل منه إلا الأنبياء، فكيف مع ذلك صار هؤلاء قبله واستخلفوا قبله؟
فلما ناقشهم أتباعهم في هذه الفضائل إذا كانت ثابتة؛ لم يجدوا بدا من أن يطعنوا في الخلفاء ويعيبوهم؛ حتى يقنع هؤلاء الأتباع، فكثر أتباعهم الذين يدعون أن الخلفاء الراشدين مغتصبون، ولم يزالوا كذلك، فكثر سب الصحابة.
لما كان في نحو سنة مائة وثمانية وعشرين خرج أحد أولاد علي بن الحسين واسمه زيد بن علي في آخر عهد خلفاء بني أمية، ودعا إلى نفسه ليكون خليفة، فجاءه أهل العراق الرافضة هؤلاء الغلاة فقالوا: نبايعك على أن تشتم أبا بكر وعمر وأن تلعنهما، وأن تتبرأ منهما، فتوقف في ذلك وقال: هما صاحبا جدي، فقالوا: لا نبايعك، قال: إذن ترفضوني أو قال: رفضتموني، أو قالوا: نحن نرفضك. فسموا رافضة.
كثروا بعد ذلك، ولما بايعه بعضهم على موالاة أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وتبرءوا من بني أمية؛ سموا زيدية، أي: على معتقد زيد فهذا معتقد هؤلاء الرافضة وأصله.
كثر بعد ذلك في القرن الثاني والثالث سب الصحابة رضي الله عنهم من قبل هؤلاء الرافضة، وما زالوا يسبونهم إلى اليوم، وما زالوا يكتبون مساوئهم وينشرون مثالبهم ويسكتون عن محاسنهم، ولما كان كذلك اهتم علماء أهل السنة بذكر فضائلهم ورووها بالأسانيد الصحيحة، فالبخاري رحمه الله ذكر كتاب فضائل الصحابة ورتبهم، بدأ بالخلفاء بدأ بفضائل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وهكذا أيضا مسلم في صحيحه، وهكذا الترمذي في سننه، وابن ماجه أيضا في مقدمة كتابه، وأخرجها الإمام أحمد في كتابه: فضائل الصحابة.
وسبب الاهتمام بها الرد على هؤلاء الذين تمكنوا وانتشروا وأعلنوا سب الصحابة بدون ذنب، وخيل إليهم أن الصحابة أكفر الناس، حيث إنهم كتموا ما يدعونه من الوصية والخلافة ونحو ذلك.
ولما قتل الحسين رضي الله عنه وكان في القرن الرابع؛ وسوس الشيطان إلى الرافضة أن يتخذوا اليوم الذي قتل فيه مأتما، وذلك بأنهم رووا فيه أحاديث وأكاذيب يجزم العقل بأنها كذب، فقالوا مثلا: أنه لما قتل احمرت السماء وبقيت مدة وهي حمراء، واحمرت الأرض وصاروا لا يقلبون حجرا إلا وجدوا تحته دما، وفعل كذا وكذا، ومع ذلك فإن هذه الأكاذيب راجت على بعض العلماء حتى ذكرها السيوطي في تاريخ الخلفاء مما يدل على عدم تثبته رحمه الله.

line-bottom