إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
74148 مشاهدة
مقدمة فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، نحمده سبحانه على ما أولى وألهم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام المسلم، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي المكرم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: فإن وظيفة التعليم هي وظيفة الرسل -عليهم الصلاة والسلام- والتي يسن التأسي بهم فيها، ولا يقوم بها إلا الأكْفاء الفضلاء، الذين يؤثرون وينفعون البشرية ويفيدونهم مما علمهم الله -تعالى- وفتح عليهم، فهم الدعاة إلى الخير، وهم المرشدون والوعاظ، وهم المذكرون والمنبهون، وهم الهداة إلى السبيل الأقوم، وهم أتباع الرسل وخلفاؤهم؛ فلهم الأجر الكبير على ذلك مع حسن القصد وصلاح النية والقيام بالواجب.
وحيث أن المدرس يتولى تربية أولاد المسلمين ذكورًا وإناثًا، ويفوَّض إليه تلقينهم العلوم النافعة المفيدة، وينفرد معهم معلمًا ومؤدبًا في موضع خاص غالبًا؛ فإنه -بلا شك- محل توقيرهم واحترامهم، وبه يقتدون، وبأقوال المعلمين وأفعالهم يستدلون، وعليهم يعولون، وللمدرس ولتعاليمه يقلدون، فمتى كان كذلك فإن عليه أن يكون قدوة حسنة، وأن يتخلق بمكارم الأخلاق ومعالي الأمور، وأن يترفع عن الأدناس وسفاسف الأوصاف، وعن الكذب والإثم والزور والبهتان، والاغتياب والنميمة، وخُلف الوعد، وعن صفات المنافقين من الفجور والغدر والخيانة، وما يسيء السمعة ويوقع في الإثم؛ وحيث إن التعليم أمانة فإنه يجب عليه أن يؤديها بقوة وكمال، وصدق وإخلاص ونصح للمسلمين، وخروجًا من العهدة والمسئولية ومحبة لأولاد المسلمين حتى يخرجوا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
ثم إن هناك ملاحظات وبعض من المخالفات التي تقع من بعض المدرسين وطلاب العلم الشرعي والدنيوي، وتحتاج تلك الملاحظات إلى التنبيه عليها والسعي في علاجها وإنكارها على مَن تلبّس بها جاهلًا أو متأوّلًا، وقد حرص أخونا الشيخ عبد العزيز بن ناصر المسيند على ما يتعلق بالمدرسين والمدرسات والطلاب والطالبات من الآداب والأخلاق، وما يقعون فيه من المخالفات؛ فدوَّن أسئلة تتعلق بذلك ورغب في الجواب عنها وشدد في الطلب، فلم يكن بد من إجابة طلبه؛ فهو من الأخوة الناصحين المحبين للعلم والعمل، قد حسن الظن بي وأناط بي هذه الأسئلة، فكتبت عليها أجوبة موجزة، معتمدًا فيها على الذاكرة والفهم وعلى ما أتذكره زمن كنت مدرسًا في المعهد ثم في الكلية، وقد أعان الله على إتمامها على ما فيها من النقص والخلل، فهي جهد المقل وقدرة المفلس، فلا مانع لدي من نشرها للاستفادة منها، وإذا كان فيها خطأ أو عيب فالمرجو من أخواني التنبيه عليه، والإنسان محل النسيان، وقد قال الحريري -رحمه الله- في آخر ملحة الإعراب:
وإنْ تَجِـدْ عَيْبًا فسـد الخَـلَلَا فجــلَّ مَــنْ لا عيـبَ فيـه وعلا

ونسأل الله أن يعين المسلمين على العلم والعمل وأن يوفق حملة العلم لأداء الأمانة والقيام بالواجب.
وصلى الله على محمد وصحبه وسلم 1\ 2\ 1418هـ
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين