الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
66949 مشاهدة
استعمال الضرب لفئة من الطلاب لم ينفع معهم النصح والتوجيه


س 91: وسئل -رعاه الله- ما حكم استعمال الضرب لفئات من الطلاب لم يُجْدِ فيهم النصح والتوجيه وقد يكون استعمال الضرب لهم سببًا في ردعهم وانضباطهم؟ وهل الضرب نوع من التعزير؟ وكم أقل الضرب وأكثره؟
فأجاب: لا شك أن الطلاب يختلفون في الحكم عليهم، فهناك الأطفال والذين دون البلوغ يغلب عليهم السفه والطيش، وتجري منهم حركات وخفة وكثرة اضطراب، فإن طبعهم الحركة والتغلب، ويصعب على أحدهم غالبًا القعود الطويل في مجلس واحد؛ فلذلك جعل الله فيهم الميل إلى التنقل والقيام والقعود، ولله الحكمة في ذلك، فمثل هؤلاء يصعب تعليمهم وضبطهم، فلا يصيخون إلى كلام ولا يقبلون توجيها؛ فيحتاج المربي إلى استعمال القوة معهم، وذلك بالضرب الكافي غير المبرح، وليس له حد محدود بل بقدر الحاجة، فإن اكتفي بالضرب باليد لم يستعمل السوط، فإن اكتفي بالواحدة لم يزد عليها، فليس القصد منه التشفي وشفاء الغيظ والحنق الذي قد يجده المعلم عندما يسيء الطالب الأدب أو يظهر المخالفة أو يتكلم بكلمة نابية؛ فعلى المربي سواء كان والدًا أو مدرسًا أن يستعمل معه ما يردعه ويزجره.
فأما من قد بلغوا أشُدهم وتجاوزوا مرحلة المتوسطة إلى الثانوية أو الجامعية فإن هؤلاء قد زال عنهم السفه والتغفيل، وقد بلغوا مبلغ الرجال العقلاء، وقد تدربوا وطال تعلمهم؛ فمثل هؤلاء يستعمل معهم التوبيخ والنصح والتحذير من مغبة الجهل والتجاهل وسوء عاقبة العصيان ونتيجة الأقوال والأعمال السيئة، ويهددون بالحرمان ونقص الدرجات وتسويد الملفات، وهذا غالبًا يكفي معهم ولا يحتاجون إلى الضرب ونحوه، والله أعلم.