إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
66942 مشاهدة
لبس المدرسة الحجاب الكامل عادة وحياءً ممن حولها وخوفًا من النظام لا إيمانًا واحتسابًا


س 80: وسئل -وفقه الله- بعض المدرسات المتعاقدات يلبسن الحجاب الكامل عادة؛ مجاراة للمجتمع وحياء ممن حولها من أخواتها المدرسات المواطنات، وتطبيقًا للنظام المفروض عليها من قِبل رئاسة تعليم البنات، فإذا سافرت إلى بلدها، أو خرجت إلى السوق، أو حتى عندما تمارس التدريس في بلدها تكشف وجهها، ولا ترى بوجوب ستر الوجه، فما حكم كشف الوجه للرجال الأجانب مع ذكر الأدلة في ذلك؟
فأجاب: وجه المرأة هو مجمع المحاسن، وهو الذي يحصل بالنظر إليه الفتنة والاندفاع إلى الشر؛ لأنه محل الزينة والجمال، ويسمى كشفه إسفارًا، وكأنه يسفر عن غيره من الزينة، وهو أيضًا التبرج الذي نهى الله -تعالى- عنه بقوله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ؛ أي: لا تظهرن الوجوه والمحاسن كعادة الجاهلية، واشتقاقه من البرج وهو البناء الرفيع؛ حيث إن إبداء الوجه يلفت الأنظار ويحدق الكل إليه من بعيد، كأنه برج مرتفع.
وقد أمر الله نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته ونساء المؤمنين باللباس الساتر بقوله -تعالى- يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ؛ أي: يتسترن ويغطين أجسادهن ومنها الوجوه، وقالت عائشة كنا إذا حاذانا الرجال، ونحن محرمات، سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه . فهذا تسترهن في الإحرام، وقد نهى الله -تعالى- النساء عن إبداء الزينة إلا للزوج والمحارم بقوله: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الآية، فمتى كشفت وجهها فقد أبدت زينتها لغير المحارم وذلك مخالفة للقرآن، وكذلك قال -تعالى- وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ والخمار ما يغطى به الرأس، أمرها -تعالى- أن تسدل خمارها من فوق الرأس حتى يستر فتحة الجيب، ولا شك أن الفتنة بالوجه أشد من فتحة الجيب الذي هو مدخل الرأس، كما نهاهن عن الضرب بالأرجل حتى يعلم ما يخفين من زينتهن؛ أي حتى بصوت الخلخال الذي في أسفل الساق مستورًا بالثوب.
وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذيول النساء فقال: يُرخِينَ شبرًا. فقيل: إذًا تبدو أقدامهن؟ فقال: يرخين ذراعًا وذيل المرأة هو أسفل الثوب الذي يلي الأرض، أمرهن أن يرخين -أي يدلين- الثوب على الأرض بقدر ذراع؛ مخافة أن يبدو القدم عند مشيهن، فإذا كان هذا في القدم فكيف بالوجه، وقد قال ابن عباس وغيره في قوله -تعالى- وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ قالوا: تغطي وجهها بخمار صفيق وتبدي عينًا واحدة للنظر، وقد نهيت المرأة في الإحرام عن لبس النقاب والقفازين وهو دليل على أنها تلبسه في غير الإحرام، ولكنه كان ضيق الفتحات بحيث لا يبدو سوى حدقة العين، فعلى هذا نقول: إن هؤلاء المتعاقدات والوافدات قد أخذ عليهن أن يلتزمن بتعاليم الدين الإسلامي داخل هذه البلاد التي تحكم بالشرع، وألا يتبرجن ولا يتكشفن، لكن حيث إنهن قد تعودن هذا التبرج في بلادهن التي تحكم بالقوانين، والتي قد أثر فيها الاستعمار الأفرنجي؛ فإن الواجب الأخذ على أيديهن ومنعهن من السفور والتبرج في الأسواق والمجتمعات، كما أخذ عليهن العهد بذلك، وكما تقتضيه تعاليم الإسلام، فمن أصرت وعاندت ألغي عقدها ورُدت من حيث جاءت، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.