شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67065 مشاهدة
جرأة المدرس علي الله بإصدار الفتاوى بغير علم


س 24: وسئل -وفقه الله- يتساهل بعض المدرسين في الجرأة على الله، وذلك بإصدار الفتاوى بغير علم وذلك عندما يسأل من قبل أحد الطلاب، فيُحلّل ويحرِّم ويوجب ويقول: هذا مستحب وهذا مكروه وهذا مباح، ثم يتبين أن فتواه غير صحيحة، والحامل على ذلك حتى يظهر أمام الطلاب أنه طالب علم وهو ليس كذلك، وهذا ليس بخاص بمدرسي العلوم الشرعية، فما حكم ذلك؟ وما هي الآثار السيئة في الفتوى على الله بغير علم، سواء على نفس المفتي أو على المستفتي أو على الأمة؟
فأجاب: هذا خطأ كبير؛ فإنه من التقوُّل على الله -تعالى- الذي توعد عليه بقوله: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ فمن تجرأ وأفتى وحلل وحرّم بغير علم فقد أدخل في الشرع ما ليس منه، وقد قال -تعالى- وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ؛ أي: لا تتكلم فيما لا تعلمه، وقد كان أكابر العلماء يتوقفون في مسائل كثيرة؛ خوفًا من القول بغير علم، ويستدلون بقوله -تعالى- وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ فقد روي أن مالك بن أنس -إمام دار الهجرة- رُفع إليه أربعون مسألة، فأفتى في أربع فقط وتوقف في الباقي، مع أن السائل جاء من مكان بعيد، ولم يكن ذلك نقصًا في هذا الإمام، وهكذا الإمام أحمد يتوقف عن المسائل التي لا يجد فيها دليلًا، وإذا احتيج إلى الجزم قال: أرجو أو أستحسن أو ينبغي كذا وكذا دون الجزم بالحكم.
فعلى المدرس وغيره ألا يتجرأ في الحكم، فإن سئل وهو في الفصل الدراسي رد المسألة إذا كانت خارجة عن موضوع الدرس، وانشغل بالدرس الذي يقوم بإلقائه، وإن سئل خارج الدرس وكانت المسألة ليس له بها علم أحال على من هي من اختصاصه، وإن شك في الحكم ولم يستحضر الدليل توقف، وقد كان كبار مشايخنا يسألون في الدرس عن بعض المسائل، فيقول أحدهم: لا أدري لا أدري، ويقولون: إنَّ لا أدري نصفُ العلم، ومن أخطأ لا أدري أصيبت مقاتله ويقول الناظم في آداب العلم:
وقــل إذا أعيـاك ذاك الأمرُ
مـالي بمـا تسـأل عنـه خبر
فــذاك نصف العلم فاحفظنَّهْ
واحـذر هُديتَ أن تزيـغ عنه
فربمـا أعيـا ذوي الفضـايل
جـواب مـا يلقى من المسائل
فيمسكوا بـالصمت عن جوابه
عند اعتراض الشك في صوابه

وقال بعض مشايخنا: إن القول على الله بلا علم يعتبر أكبر من الشرك؛ واستدل بقوله -تعالى- قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ؛ فإنه ذكر الأسهل وهو الفواحش، ثم الإثم وهو أكبر من الفواحش، ثم البغي وهو أكبر من الإثم، ثم الشرك وهو أكبر من البغي، ثم القول على الله بلا علم فهو أكبر من الشرك؛ لأنه تخرُّص في الدين وتجرؤ على الحكم وتشريع بغير مستند، فهو مزاحمة للرب في تشريعه، فأمّا إن علم الدليل واستحضره فإنه يقول به، ولو لم يكن من أهل الفتوى، حتى لا يكتم العلم، وإذا شك فيه قال: هذا ما أعلم وفوق كل ذي علم عليم.
وقد ورد النهي عن كتمان العلم فقال -تعالى- وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وفي الحديث: من سئل عن علم فكتمه أُلْجِمَ يوم القيامة بلجام من نار رواه أحمد وأهل السنن وصححه الحاكم وغيره