إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
106902 مشاهدة print word pdf
line-top
عدم اهتمام المدرس ببناء شخصية الطالب من جميع جوانبها وإهماله وتقصيره في عمله


س 64: وسئل -رعاه الله- ما قولكم في المدرس الذي لا يهتم بالطالب تعليمًا ولا تربية ولا خلقًا، ويتساهل بالمقرر، ولا يعدل بين الطلاب، ولا يهتم بوضع الأسئلة ولا بالتحضير، ومع ذلك يحذف بعض المواضيع المقررة من تلقاء نفسه، ولكن همه وتفكيره في نهاية الشهر ليقبض الراتب؟
فأجاب: هذه السمات تعتبر خيانة وإهمالا وإضاعة للأمانة؛ فإن المدرس مؤتمن على الطلاب، ومؤتمن على المواد التي يدرسها ومؤتمن على الوظيفة التي يشغلها، فالواجب عليه الخوف من الله -تعالى- وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا فيستحضر أن ربه يراه في كل الأحوال، ويعلم سره ونجواه، ولا يخفي على الله ما فعله، ولا بد من الحساب والمناقشة على هذه الأمانة، فيستشعر المسئولية من الله -تعالى- ثم من الدولة ومن يمثلها، ويكون خوفه من الله -تعالى- ملازمًا له، ويحمله على أداء الأمانة كاملة، فيهتم بالتلاميذ الذين أسلمهم أولياء أمورهم إليه؛ ليعلمهم ما جهلوه، وينصح لهم ويحب لهم الخير، ويحرص على تربيتهم على التعلم والعمل، وترغيبهم في محبة العلم والجد والاجتهاد فيه، وبذل الوسع في التلقي والتقبل من المدرس، ويرشدهم إلى ما يساعدهم على الفهم وإدراك المعاني، ويهذب أخلاقهم ويصحح أفهامهم، فإن هذا من الدين؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة؛ لله، ولكتابه، ولنبيه، ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم وقال -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
ولا يتساهل في شرح المقرر، بل يحرص على أن يوضح جميع المادة المقررة، وعلى إيصال المعاني إلى أفهام الطلاب واضحة جلية، كما أن عليه العدل بينهم في التعليم والتفهيم والإجابة على الإشكالات والتجاوب مع الجميع، وعليه أيضًا الاستعداد قبل دخول الفصل بالتحضير والقراءة وفهم المراد، ومعرفة المتن الذي سيشرحه والكيفية المطلوب فعلها، والطريقة المثلى النافعة للإلقاء واستعمال وسائل الإيضاح، مثل السبورة والخرائط وضرب الأمثلة وما يلفت الأنظار ويثير الانتباه، كما لا يجوز له حذف شيء من المقرر الذي وكل إليه تدريسه، بل عليه أن يكمل شرحه، فإن المناهج وضعت بقدر الزمان، وسار على تدريسها المخلصون الناصحون، فاستطاعوا إكمال الدروس بوضوح دون حذف أو اختصار، وحصل بذلك تعلم الطلاب وفهم المقرر كله، ووضعت الأسئلة على جميع المقرر، ولم يتساهل المدرسون في وضعها، ولم يشددوا على الطلاب، فلا يجوز التساهل بوضع أسئلة قليلة الأهمية لا يظهر من جوابها حذق الطلاب وجودة القرائح، ولا بالتشديد بوضع أسئلة صعبة أو غامضة لا تدركها الأفهام، وخير الأمور أوساطها، والله الموفق.

line-bottom