إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فإن من أهم أهداف التربية والتعليم بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة للطالب المسلم على هدى من الله، وهذا يتمثل في ربط الطالب بربه وصلته به مستمدًّا تعاليمه من شريعة ربه؛ حيث إن الإسلام منهج حياة ودستور للأمة الإسلامية في جميع شئونها.
ولا شك أن من أشرف الأعمال وأجلها وأعلاها منزلة وقدْرًا عند الله -جل وعلا- وظيفة التدريس والتي لا تضاهيها من رسالة سوى رسالة الأنبياء والرسل -عليهم السلام- لا سيما إذا أخلص المدرس عمله لله -تعالى- وأتقنه واحتسب ذلك عند الله.
وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة تكشف عما للمعلم من خير وفضل منها:
قوله -صلى الله عليه وسلم- مَنْ دلَّ على خيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ
.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- لَأَنْ يهديَ الله بكَ رجلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ
.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- إنّ اللهَ وملائكتَه وأهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وحتّى الحُوتَ ليُصَلّونَ على مَعَلِّمِ الناسِ الخيرَ
.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء
.
فالمدرس بحق هو مربي الأجيال، الذين هم شباب اليوم وقادة المستقبل ومسئولوه -بمشيئة الله- فمِن هؤلاء الطلاب مَن يوفق في بعض المجالات والتخصصات التي تهم الأمة الإسلامية ويحصل بها الاستغناء عمن سواهم من الكفار ونحوهم، ومن ذلك المدرسون والأطباء والقضاة والجند والقادة والتجار والمفكرون ورجال الأعمال والعلماء والمدراء والرؤساء وغير ذلك.
إن الشباب أعظم ثروة للأمة الإسلامية، ولا سيما إذا تربوا تربية إسلامية ووجهوا إلى الخير؛ نفع الله بهم ونالوا السعادة في الدنيا والآخرة، وكان ذلك المدرس المخلص الناصح المجتهد سببًا في حمايتهم -بعد الله- واستنقاذهم من كل فكر دخيل منحرف يؤدي بهم إلى الهلاك.
وحيث إن المدرس راعٍ ومسئول عن رعيته، وهم طلابه الذين يعلمهم ويربيهم، كما قال -صلى الله عليه وسلم- كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ
؛ لذا يجب عليه أن يكون قدوة صالحة لهم.
ولقد أجاد الشاعر ووفق عندما صور هذه الحقيقة في بيتين من الشعر، فقال:
وكـن عـاملا بالعلم فيما استطعته | ليهدى بـك المرء الذي بك يقتدي |
حريصًـا علـى نفع الورى وهداهم | تنـل كـل خـير فـي نعيـم مؤبدِ |