إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67061 مشاهدة
مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فإن من أهم أهداف التربية والتعليم بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة للطالب المسلم على هدى من الله، وهذا يتمثل في ربط الطالب بربه وصلته به مستمدًّا تعاليمه من شريعة ربه؛ حيث إن الإسلام منهج حياة ودستور للأمة الإسلامية في جميع شئونها.
ولا شك أن من أشرف الأعمال وأجلها وأعلاها منزلة وقدْرًا عند الله -جل وعلا- وظيفة التدريس والتي لا تضاهيها من رسالة سوى رسالة الأنبياء والرسل -عليهم السلام- لا سيما إذا أخلص المدرس عمله لله -تعالى- وأتقنه واحتسب ذلك عند الله.
وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة تكشف عما للمعلم من خير وفضل منها:
قوله -صلى الله عليه وسلم- مَنْ دلَّ على خيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ .
وقوله -صلى الله عليه وسلم- لَأَنْ يهديَ الله بكَ رجلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ .
وقوله -صلى الله عليه وسلم- إنّ اللهَ وملائكتَه وأهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وحتّى الحُوتَ ليُصَلّونَ على مَعَلِّمِ الناسِ الخيرَ .
وقوله -صلى الله عليه وسلم- وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء .
فالمدرس بحق هو مربي الأجيال، الذين هم شباب اليوم وقادة المستقبل ومسئولوه -بمشيئة الله- فمِن هؤلاء الطلاب مَن يوفق في بعض المجالات والتخصصات التي تهم الأمة الإسلامية ويحصل بها الاستغناء عمن سواهم من الكفار ونحوهم، ومن ذلك المدرسون والأطباء والقضاة والجند والقادة والتجار والمفكرون ورجال الأعمال والعلماء والمدراء والرؤساء وغير ذلك.
إن الشباب أعظم ثروة للأمة الإسلامية، ولا سيما إذا تربوا تربية إسلامية ووجهوا إلى الخير؛ نفع الله بهم ونالوا السعادة في الدنيا والآخرة، وكان ذلك المدرس المخلص الناصح المجتهد سببًا في حمايتهم -بعد الله- واستنقاذهم من كل فكر دخيل منحرف يؤدي بهم إلى الهلاك.
وحيث إن المدرس راعٍ ومسئول عن رعيته، وهم طلابه الذين يعلمهم ويربيهم، كما قال -صلى الله عليه وسلم- كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ ؛ لذا يجب عليه أن يكون قدوة صالحة لهم.
ولقد أجاد الشاعر ووفق عندما صور هذه الحقيقة في بيتين من الشعر، فقال:
وكـن عـاملا بالعلم فيما استطعته
ليهدى بـك المرء الذي بك يقتدي
حريصًـا علـى نفع الورى وهداهم
تنـل كـل خـير فـي نعيـم مؤبدِ

فيبدأ المدرس بإصلاح نفسه أولا، كما قال أحد الخلفاء لمعلم ولده: ليكن أول تعليمك لأولادي إصلاحك لنفسك؛ فالطلاب يتأسون به في كل شيء، فالخير عندهم ما فعل المدرس والسيئ والمنكر عندهم ما ترك؛ لذا فإن المدرس داعية بفعله قبل أن يكون داعية بقوله؛ لأن ذلك له الأثر العظيم في نفوس الطلاب.
فالمدرس قد تقلد أمانة عظيمة ومسئولية كبيرة سيسأل عنها أمام الله يوم القيامة، سواء حفظ أم ضيع؛ فالمطلوب من المدرس العناية بغذاء عقل الطالب وروحه بالثقافة الإسلامية المأخوذة من الينبوعين الصافيين: كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- لتكون عنده حصانة إيمانية قوية راسخة ليسلم له دينه من فتنتي الشبهات والشهوات؛ ونتيجة لذلك تتهذب أخلاقه وتزكى أعماله، بميله إلى كل فضيلة وبعده عن كل رذيلة، وذلك بسبب تعظيم الله في قلبه.
ولا ينس المدرس المبارك أن كثيرًا من الآباء والأمهات والأولياء قد علقوا آمالهم عليه -بعد الله- لثقتهم به، فكم من أب وأم وولي يُكنُّون للمدرس كل تقدير واحترام، ويدعون له بظَهر الغيب بالتوفيق والسداد وصلاح الذرية والثبات على دين الله؛ فكن أخي المدرس عند حسن الظن منهم، وقبل ذلك احرص كل الحرص على مراقبة الله -تعالى- في كل حركاتك وسكناتك، علَّك أن تنجو من عذاب الله يوم القيامة، والله يرعاك ويحفظك.
ومن هذا المنطلق فكرت مليًّا كيف أقدم شيئًا لإخواني وأحبابي المدرسين والمدرسات، الذين جمعوا بين التعليم والتربية، وهم المعنيون بهذا الأمر؛ ليكون عونًا لهم على أداء رسالتهم الشريفة على أتم وجه، وبيان المطلوب منهم فيعملون به والمخالف فيجتنبوه.
فاقترحت في نفسي أحد أمرين:
أما الأول: فكتابة بحث أجمع فيه عناصر لهذا الموضوع المهم، وأتوسع فيه بقدر ما ييسره الله لي.
وأما الثاني: فأقتصر على وضع أسئلة مختلفة تتعلق بالموجهين ومدراء المدارس والمدرسين والطلاب، وأسئلة عامة تدور حول ما تقدم ذكره آنفًا، ثم عرضها على أحد كبار المشايخ في هذا البلد لتعم الفائدة.
فآثرت الاقتراح الثاني لسببين:
الأول: لأنني لم أجد -حسب إطلاعي وبحثي المحدود في كثير من المكتبات- من سبقني إلى ذلك بشيء من التوسع في إفراد فتاوى خاصة بالمدرسين وما يتصل بهم من موجهين ومدراء وطلاب، وتدوينها في كتاب أو كتيب.
والسبب الثاني: كون الاقتراح الأول قد سبقني إليه كثير من المشايخ وطلبة العلم، فحمدت الله كثيرًا على ذلك واستعنت به، وجمعت ما تيسر من الأسئلة، ثم عرضتها على سماحة شيخنا العلامة والمربي الفاضل عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين -وفقه الله وسدده- فسُرّ بها، ووافق على الإجابة عليها وحررها بيده، وكتب مقدمة لتلك الفتاوى التي كان عددها يربو على المائة سؤال، وحرصت على ترتيبها اجتهادًا، وسميتها: الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية، مبتدئًا بالفتاوى التي تتعلق بالموجهين، ثم مدراء المدارس، ثم المدرسين، ثم الطلاب، ثم فتاوى عامة تتعلق بما سبق، وقمت بترقيمها ووضعت عنوانًا لكل سؤال، وحققت الأحاديث التي استشهد بها شيخنا في فتاويه.
أسأل الله -تعالى- أن ينفع بها إخواني المعلمين والمربين في كافة مراحل التعليم، وأن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، والله المستعان، وهو حسبنا فنعم المولي ونعم النصير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.