قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
74037 مشاهدة
تدريس الكفار والكافرات لأبناء وبنات المسلمين


س 73: وسئل -حفظه الله- هل يجوز أن يقوم مدرس نصراني أو غيره من أهل الملل الباطلة بتدريس أبناء المسلمين ؟ وهل يجوز كذلك أن يتولى تدريس بنات المسلمين مدرسات نصرانيات أو غيرهن من أهل الملل الباطلة؟
فأجاب: لا يجوز شرعًا أن يتولى النصارى أو الهندوس أو القاديانيون شيئًا من الأعمال الشرعية في بلاد المسلمين؛ فإن في ذلك رفعًا لمكانتهم، مع أن الواجب إهانتهم وتصغير شأنهم، فأما الأمور الدنيوية كصناعة يدوية وهندسة وخدمة بدنية فإن ذلك جائز؛ لاعتبارهم مستخدمين، وفي استخدامهم إذلال لهم، ولو تقاضوا على ذلك مرتبًا وبذل لهم مال ولو كثيرا، بعد ألا يوجد من يتولى ذلك من المسلمين، فيستخدمون في حفر الآبار واستخراج المعادن وتكريرها والعمل في المصانع والحرف ونحوها، فأما التدريس فالأصل أن يتولاه المسلمون؛ حيث يوجد فيهم من يقوم بجميع الدروس في المواد الشرعية، فأما المواد الصناعية ونحوها فإن وجد في المسلمين من يحسنها لم يجز أن يتولاها كافر، وإن لم يوجد مسلم يقوم بها ولو من خارج البلاد، وكانت ضرورية، اجتلب لها من الكفار من يدرسها بقدر الحاجة، حتى يستغني عنه ثم يرد إلى مأمنه، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمل اليهود على خيبر كعمال مع إمكان القيام بها؛ لانشغال المسلمين بالجهاد، ولمعرفتهم باستغلال البلاد، فلما استغني عنهم أجلاهم عمر رضي الله عنه.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: لا ترفعوهم بعد أن وضعهم الله، ولا تعزوهم بعد أن أذلهم الله، ولا تقرّبوهم وقد أبعدهم الله وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته بإخراج المشركين من جزيرة العرب ؛ أي: ألا يتملكوا فيها، فلم يبقوا لهم مغزّ قنطار وعلى هذا عمل أئمة المسلمين في كل زمان، والله أعلم.