قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
66708 مشاهدة
غيبة الطلاب للمدرسين وتقليد حركاتهم استهزاء


س 99: وسئل -رعاه الله- كثير من الطلاب يغتابون المدرسين فيتكلمون فيهم بسوء، ويقلدونهم في كلامهم وفي حركاتهم وفي لباسهم ونحو ذلك من باب الاستهزاء والضحك، فما نصيحتكم لمثل هؤلاء الطلاب؟
فأجاب: ننصح المدرس أن يصون عرضه ونفسه عن الأفعال الدنيئة التي تسقط قدره وتحط منزلته عند الطلاب والزملاء؛ فإن كثيرًا من المدرسين يدخلون العمل بدون تأهب واستعداد، فلا يحترمهم الطلاب، ولا يكون موضع تقبل وتقدير، ولا يكون لأحدهم شخصية وهيبة بارزة؛ فيتخذ الطلاب أحدهم ضحكة وهزوًا، وهو الذي أسقط نفسه وحط من قدره في لباسه وكلامه وإلقائه وتساهله ونحو ذلك، فلا يستغرب من الطلاب وغيرهم وجود السخرية والتكلم في عرضه، والتنقص له والتهكم بسيرته، وقد قال الشاعر القديم:
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
ولـو عظمـوه فـي النفوس لعظما
ولكـن أهـانوه فهـانوا ودنسوا
مُحَّيــاه بالأطمـاع حتــى تجهما

ثم إن كثيرًا من سفلة الطلاب وأنذالهم يهزءون ويسخرون من المدرسين الملتزمين بالسنة والمطبقين لتعاليمها، في إعفاء اللحية ورفع اللباس فوق الكعب والحث على العبادات وتعليم العلوم الشرعية النافعة؛ حيث إن أولئك الطلاب من أهل الانحراف والصدود عن الدين، وعن تعلم العبادات والتقربات، وعن تفاصيل الحلال والحرام، فهم يستثقلون المدرس الذي يتولى ذلك ويلصقون به العيوب ويلمزونه، ويرمونه بالنقص والضعف والتأخر والرجعية، ثم يتجاوزون ذلك إلى السخرية بحركاته وأفعاله ونبزه بما يعيبه كذبًا؛ فننصح مثل هؤلاء أن يربئوا بأنفسهم عن هذه الأعمال التي تزري بهم، وفيها وصمهم بالشر والحقد على الدين وأهله، ويجب على عموم المدرسين والمدراء الإنكار على مثل هؤلاء، وإرشادهم إلى احترام من يعلمهم الخير والدعاء له والتقبل منه، وبيان مكانته في العلم الشرعي الذي هو ميراث الأنبياء، ثم عقوبة من يتمادى في غيه وهواه ويسخر من أهل العلم ويعيبهم بما ليس فيهم، ويحكي أقوالهم أو أفعالهم للعيب والثلب، فلا بد من الأخذ على أيديهم والشدة في عقوبة من تكرر منه ذلك ليرتدع الباقون.