الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
66334 مشاهدة
موقف المدرس من الطالب الذي استفزه وأثاره


س 51: وسئل -وفقه الله- بعض المدرسين إذا استفزه طالب أو أكثر في الفصل غضب وتأثر، ولجأ إلى أسلوب التهديد؛ إما بخصم درجات، أو بجعل الأسئلة في غاية الصعوبة، أو أمسك عن الشرح. فهل هذا أسلوب تربوي حكيم؟
فأجاب: ما هكذا يكون المدرس العاقل، وقد عرف المدرس أنه يقابل كل يوم عددًا من الطلاب الذين لم تنضج أفكارهم، ولم يكمل أدبهم، ولم يعرفوا حق المعلم ولا فضل المربي؛ فلا بد أن يلاحظ منهم سوء أدب ومخالفة لما يرشدهم إليه، وكثيرًا ما يحصل منهم العبث واللعب والصدود، ورفع الصوت وقلة الإصغاء ونحو ذلك، فلا بد أن يكون المعلم حليمًا ذا أناة وتؤدة وثبات في الأمر، ويستعمل الرفق في تعليمهم وتأديبهم؛ فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه .
ويستعمل الإغلاظ في محله، فإن الواجب أن ينصح الطلاب ويعلمهم الآداب كما أن عليه التشديد والإغلاظ والتهديد حتى يخافوا، ولكن لا يحمله الغضب على الإضرار بهم بحسم شيء من الدرجات أو تصعيب الاختبار؛ فالغالب أنهم يتأثرون بالتهديد والتخويف، وأن الكثير ينتفعون بالحلم والتغاضي عن الهفوات، فيحصل بذلك المقصود من التأدب وحسن السيرة والسلوك، والله أعلم.