قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
80218 مشاهدة
شرب المدرس للدخان مع بقاء رائحته في فيه


س 45: وسئل -وفقه الله- ما نصيحتكم لبعض الأخوة المدرسين الذين ابتلاهم الله بشرب الدخان؛ حيث يشربونه خفية عن أنظار إخوانهم المدرسين وعن الطلاب، ولكن بعد الشرب يبقى في أفواههم رائحته الكريهة، وقد تنقطع؟
فأجاب: شرب الدخان محرم؛ فأولًا: إنه خبيث الرائحة وخبيث الطعم، فهو كما قيل عنه: ينتن الفاه، ويخلي المخباه، لا في أوله باسم الله، ولا في آخره الحمد لله، ولا يقتصر خبث ريحه على صاحبه بل يتعدى إلى جلسائه، فرائحته مستكرهة في مشام الناس، يحس بها كل من شمه من غير أهله، ولا يعتبر استطابة المدخن لرائحته فإن حشرة الجعل تستطيب النتن، فهو يدهده الخراء بأنفه.
وثانيًا: أنه ضار بالصحة ضررًا بينًا كما وضحه الأطباء المعتبرون؛ حيث ذكروا أنه يسبب مرض السرطان والسل الرئوي وكثرة السعال وموت الفجأة وداء السكر، وأنه يضيق مجاري الدم ويقلل الشهية إلى الأطعمة النافعة ويسبب الهزال والضعف والخور في القوى، وغير ذلك من الأمراض الفتاكة.
وثالثًا: أنه إتلاف للمال في غير فائدة بل في مضرة ظاهرة، فإتلاف المال مطلقًا حرام وتبذير، والمبذرون إخوان الشياطين، وإسراف والله لا يحب المسرفين، وذلك أن المال محبوب عند النفس، كما قال -تعالى- وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا وقال: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ .
وهذا مشاهد عيانًا، فمتى تعب الإنسان في جمع المال وتحصيله وبذل جهدًا جهيدًا في الوصول إليه وتملكه فإن من السفه إتلافه وإحراقه، وقد قال بعض العلماء لتلاميذه: أرأيتم لو أن رجلا يلقي في البحر كل يوم درهمًا، ما يقال فيه؟ قالوا: مجنون. قال: أجنُّ منه شارب الدخان.
فعلى هذا يعتبر الدخان حرامًا لأنه إسراف وإفساد للمال وإضرار للنفس؛ ولهذا فإن الدول الكافرة تحاربه وتمنعه أن يشرب في الدوائر والمجتمعات والطائرات والحافلات؛ حفاظًا على صحة المواطنين، وحرصًا على تقليل تعاطيه؛ ولهذا يمنعون الشاب أن يتعاطاه لقوة تأثيره على صحته وبدنه، ثم ننصح من ابتلي به أن يحرص على الإقلاع منه وإبطاله حالا، وذلك سهل يسير على من يسّره الله عليه، بأن يعزم على نفسه ويجزم بذلك ويتركه تركًا كليًّا، ويصبر على ألم ما فيه من مادة النيكوتين الذي يؤثر على البدن عند فقده، لكن يزول ألمه مع التحمل والتجلد وقوة العزيمة، ولو حصل له ضعف نفس أو دوخة أو تخدير قوة فإن ذلك يزول في النهاية، وننصح بقراءة رسالتنا التي بعنوان: التدخين مادته وحكمه في الإسلام، وبقراءة كتاب: الدخينة في نظر طبيب، وكتاب: كيف تبطل التدخين، ونحوها مما كتب حول الدخان، والله أعلم.