إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
129881 مشاهدة print word pdf
line-top
كتاب الروض المربع الجزء الأول

ومن شرطها أي: شرط صحة صلاة العيد استيطان وعدد الجمعة فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وافق العيد في يوم حجته ولم يصلِّ، لا إذن الإمام فلا يشترط كالجمعة


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد قد تقدم أنه يشترط للجمعة الاستيطان، وكذلك العيد فلا تصلى العيد، ولا تصلى الجمعة في البوادي؛ البوادي الرحل الذين ينتقلون من مكان لمكان لا جمعة عليهم، ولا يصلون عيدا لم يؤمر؛ لم ينقل أنه -عليه السلام- أمر البوادي الذين في البراري أن يقيموا الأعياد، ولا أن يصلوا الْجُمَع؛ وذلك لأنه لم يكن لديهم مباني ولا مساجد معمورة، فيكتفون بصلاة الجمعة ظهرا إلا إذا كان قريبا منهم بلدة من البلاد، وكذلك لا يصلون العيد؛ حيث ليس عندهم مساجد ولا جماعات في الغالب.
وتقدم أنه يشترط للجمعة العدد وهو أن يكونوا أربعين، وإن كان في ذلك خلاف؛ حيث أجازه بعضهم باثني عشر صلاة الجمعة، يقال أيضا كذلك في العيد لا يصلى إلا إذا تم العدد أربعين, أو على القول الثاني اثني عشر؛ فإذا نقصوا عن هذا العدد فلا يُصَلُّون، ولو كانوا مستوطنين ولو كانوا بقرية أو في بلدة, إذا نقص عددهم فلا يُصَلون؛ وذلك لأنهم ليسوا مطلوبا منهم الجمعة ولا العيد كما عرفنا.
كذلك تقدم أنه لا يشترط في الجمعة إذن الإمام ويقال كذلك في العيد, فإذا تمت شروط الجمعة في البلد صَلَّوْا ولو لم يكن هناك إذنٌ من الإمام.
لكن إذا كانوا جهلاء لا يعرفون تمام الشروط، ولا توفرها فلا بد أن يؤذن لهم، وذلك لأن الكثير قد يكونون في قرية صغيرة وعندهم قرية أخرى، فيخيل إليهم أنه إذا تم العدد عندهم صلوا -جمعة وعيدا- والجواب: أنه لا يجوز إقامة العيد في موضعين متقاربين، كما لا يجوز إقامة جمعة في مكانين متقاربين إلا لحاجة وضرورة؛ لضيق المكان مثلا، أو لبعد ما بين المكانين، أو ما أشبه ذلك.
فهكذا في تمام الشروط نقول: يحتاج إلى إذن الإمام إذا كانوا جاهلين بالأحكام جاهلين بالشروط، قد يتساهلون فيقيمون الجمعة والأعياد بحيث لا يجوز أو في موضع لا يجوز إقامتها فيه، فأما إذا كانوا عارفين بالأحكام وتمت الشروط عن معرفة؛ فإنه لا يحتاج إلى إذن الإمام نعم.

line-bottom