إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
128369 مشاهدة print word pdf
line-top
نصاب الزكاة في عروض التجارة

.................................................................................



... والنصاب من النقد الآخر. فلو قدر مثلا أن الذهب رخص والفضة غليت وصار عنده مثلا أحذية، أردية، ثم قدرناها بالذهب فبلغت قيمتها اثني عشر جنيها، قدرناها بالفضة فبلغت قيمتها أقل مثلا من خمسمائة نقول: زكِّها؛ لأنها بلغت نصابا بأحد النقدين؛ بلغت نصابا بالذهب، فإذا كان الأمر بالعكس -وهو الحال الآن؛ الذهب غلي والورق رخص- فقدرناها فبلغت قيمتها ستمائة ريال بالورق، ولم تبلغ إلا جنيها أو جنيها ونصفا من الذهب فنقول: زكِّها؛ لأنها بلغت قيمتها نصابا بأحد النقدين وهو الفضة أو ما يقوم مقامها.
تقدم أن نصاب الفضة بالريال السعودي الفضة؛ الريال القديم ستة وخمسون ريالا عربيا سعوديا، واثنان وعشرون ريالا فرنسيا، وحيث إن الأوراق قامت مقام الريال الفضة السعودي فإنها رخيصة. يعني: الآن الريال الفضي يقاوم عشرة أو أكثر من العشرة من الأوراق؛ من الريالات الورقية؛ فلأجل ذلك نقول: الذي يملك ستة وخمسين ريالا من الورق -من الأوراق- ما عليه زكاة لأنه لا يقال له: غني، فالحديث يقول: تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم فعلى هذا إذا بلغت النصاب بأحد النقدين فإنه يخرج زكاتها. فإن لم تبلغ نصابا بالنقدين جميعا فلا زكاة فيها.
ولا يُعتبر ما اشْتُرِيت به. لو كان اشتراها مثلا بألف؛ هذه السلع، ثم رخصت فأصبحت لا تساوي إلا أربعمائة لا زكاة عليه؛ ولو كان اشتراها بأكثر من النصاب؛ وذلك لأن الزكاة إنما هي فيما تساويه وقت الحول؛ وقت الوجوب, فيخرج زكاتها بقيمتها وقت الوجوب؛ لا وقت الشراء، وكذا لو اشتراها بالمائة ولما تم الحول، وإذا هي تساوي ألفا.. يزكِّي الألف ولو كان رأس مالها مائة أقل من يعني: قدر خمس أو سدس النصاب. هذا معنى قوله: ولا يعتبر ما اشتريت به.
كيف يقدرها؟ يقدرها بثمنها الذي تساويه؛ يَعْرِضها. كم تساوي هذه الزلية؟ كم يساوي هذا الثوب؟ كم يساوي هذه الأكياس لو أردتم بيعها جملة؟ إذا كان يتجر في العبيد فتقدر المغنية ساذجة، ويزكي ثمنها على أنها ساذجة أي: جاهلة بالغناء؛ وذلك لأن بعض أهل الهوى يزيدون في ثمن المغنية، فتكون قيمتها مثلا خمسة آلاف وهي ساذجة، وعشرين ألفا إذا كانت مغنية؛ لأجل أنهم يطربون بصوتها. هذه الزيادة التي هي خمسة عشر حرام؛ لأنها عوض عن الغناء، وثمن الحرام أو عِوَضُه محرم، ونحن نقول له: لا تبعها إلا على أنها ساذجة، إذا كانت مغنية وعرضتها للبيع، وأُعطيت فيها عشرين ألفا فإنه لا يجوز لك أخذ ذلك، بل لا تأخذ منها إلا قيمتها التي تساويها بدون معرفة الغناء.
أما العبد الْخَصِيُّ فإنه يُثَمِّنُه بقيمته, يعني: قد يزاد فيه وقد يرخص، قد يكون إذا قطع خصيتيه أغلى ثمنًا؛ لأنه يرغبه إليه حيث إنه يأتمنه على نسائه وعلى محارمه؛ بحيث إنه لا ينكح فهو مأمون فيزيد في قيمته؛ لأجل كونه خصيا يبيعه بحاله ما يساويه، وقد ينقصه قطع خصيتيه؛ لأن بعض الناس قد يرغب فيه إذا كان فحلا حتى يزوجه ويُولد له، ويكون أولاده مماليك لسيده, يبيعهم ويربح فيهم؛ فلذلك يبيعه بحالته الراهنة وهو يقول: هذا خصي، فَلَكَ أن تشتريه بما يساويه إن زدت في ثمنه لأجل هذا العيب, وإن نقصت منه. وهكذا الآلات المحرمة لا قيمة لها, فلا يثمنها إن كانت يجب إتلافها كالعود والطنبور والطبول، ومثلها أيضا أشرطة الغناء، ومثلها الأفلام الخليعة, والصور الفاتنة وما أشبهها. لا شك أن هذه إذا ملكها لا يجوز له أن يبيعها، ولا أن يأخذ ثمنها؛ بل عليه أن يُتلفها.نعم.

line-bottom