إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
145517 مشاهدة print word pdf
line-top
الصلاة على الغائب

ويصلي على غائب عن البلد ولو دون مسافة قصر فتجوز صلاة الإمام والآحاد عليه بالنية إلى شهر لصلاته -عليه الصلاة والسلام- على النجاشي كما في المتفق عليه عن جابر وكذا غريق وأسير ونحوهما.


يقول: اختلف في الصلاة على الغائب، هل يجوز أن يصلي عليه الأفراد؟ وهل يجوز أن يصلى على آحاد الناس إذا ماتوا وهم غائبون صلاة الغائب؟ في ذلك خلاف للفقهاء كما سمعنا أجازوا أن يصلي على كل ميت لم يتمكن من الصلاة عليه لبعده فيصلي عليه بالنية، أو يجتمع اثنان أو جماعة ويصلون عليه بالنية سواء كان عالما أو جاهلا أو ذكرا أو أنثى أو صغيرا أو كبيرا أو.. يعني أنه مسلم تمت فيه الشروط.
مات مثلا في بلاد بعيدة ودُفن فيها, وهم لا يستطيعون الوصول إليه صلوا عليه بالنية، هذا هو الذي اختاره كثير من الفقهاء. وذهب آخرون إلى أنه لا يصلى إلا على أفراد الناس كالعلماء الأكابر، وكذلك العُبَّاد المشهورون، والملوك العادلون، ونحوهم يصلى عليهم وينوون صلاة الغائب, يستحضر أنه بين يديه فيصلي عليه بالنية، أو يجتمعون ويصلون عليه بالنية، هكذا ذهب بعض الفقهاء.
وبعضهم أنكر الصلاة على الغائب مطلقا ؛ لأنه لم يُفعل في حياة الصحابة، ولم ينقل إلا صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على النجاشي وقد مات كثير من الصحابة خارج المدينة ولم يصلِّ عليهم وكذلك لم يصلِّ صحابته على من مات وليس عندهم، فدل على أنه ليس بمشروع، وهؤلاء اعتذروا عن صلاته على النجاشي بأن النجاشي لم يُصلَّ عليه؛ لأنه مات في بلاد أهلها نصارى فلم يُصلَّ عليه، فأمر بأن يصلي عليه المسلمون.
وقيل: إنه يُصَلَّى على من كان شبيها بالنجاشي يعني في كونه قائدا وملكا من الملوك ومنصفا، وكذلك ليكون ممن نفع المسلمين كما فعل النجاشي فعلى هذا لا يصلى إلا على المشهورين من العلماء والملوك ونحوهم، أو على العباد المنقطعين للعبادة والبارزين فيها. لكن إذا عملنا بالقول الثاني وصلينا على كل أحد غائب جاز ذلك على القول الثاني.
أما تحديد المدة سمعنا أنه لا يصلى عليه إلا لمدة شهر, فبعده لا يصلى عليه، كذلك قالوا أيضا في القبر، ولكن لعل الأقرب أنه لا مانع من أن يصلي عليه إذا علم ولو بعد سنة أو سنوات, فيصلي عليه بالنية. نعم.

line-bottom