الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90568 مشاهدة
عدم رفع الصوت مع الجنازة

ورفع الصوت معها ولو بقراءة، وأن تتبعها امرأة، وحَرُم أن يتبعها مع منكر إن عجز عن إزالته, وإلا وجبت.


رفع الصوت؛ يعني: هتاف بعض الناس إذا حملوها من حين يحملونها إلى أن يضعوها وهم يُصَوِّتون, إما بالتكبير, وإما بالتهليل، وكذلك قد يُصَوِّتون مثلا بالترحُّم: اللهم ارحمه.. رحمه الله.. اللهم ارحمه! فلا يزالون كذلك، نسمعهم كثيرا في الحرمين عندما يحملونها ويمرون علينا وإذا هم يُصَوِّتون، هذا مكروه. الْأَوْلى أنه إذا أرادوا الذكر أو التكبير أو أرادوا الترحم أن يكون ذلك سرا، أما رفع الصوت به -سيما مع الرفع الجماعي- بحيث يُصوتون بصوت واحد فإن هذا بدعة منكرة هذا رفع الصوت بها.
ثم السنة أن يتبعها الرجال ويجوز أن يتبعها الصبيان، وأما النساء فلا يجوز, لا يجوز لهن أن يتبعنها قد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى مرة نساء خلف جنازة فقال لهن: أتحملن فيمن يحمل؟ قلن: لا، أتدلين فيمن يدلي؟ -يعني يدلي الميت- قلن: لا، قال: ارجعن مأزورات غير مأجورات؛ فإنكن تؤذين الميت وتفتن الحي فأخذوا من هذا أنه لا يجوز أن تتبع المرأة الجنائز. كذلك في السنن حديث عن فاطمة رآها النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت من قِبَل أهل ميت, فسألها فقالت: أتيت أهل ذلك الميت فعزيتهم فقال: لعلك بلغت معهم الكدى؟! قالت: معاذ الله! وقد سمعتك تقول فيه ما تقول! قال: لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جَدُّ أبيك هكذا رواه الترمذي أما أبو داود فاختصر آخره. الكدى: يراد به القبور أو قرب المقابر كانت في ذلك الوقت قريبة من البيوت، فدل على أنه لا يجوز أن تتبع المرأة الجنائز.
ثم لا يتبع الجنازة وفيها منكر إلا إذا كان قادرا على تغييره فإنه يُغَيِّرُه، ويلزمه حينئذ الذهاب معه لتغيير المنكر، فإذا كان معهم مثلا صُنوج, أو طبول يَدُفُّون بها، أو رآهم, أو رأى عليهم أثر البدعة في تشييعهم له؛ إما أنهم مثلا يعتقدون فيه..- كما يقال عن بعضهم- أنهم يعتقدون أن الملائكة ستحمله معهم إذا كان من الأولياء! ثم يفعلون منكرا إما مثلا ترنم أو تصويت أو سماع.. الحاصل: منكر من المنكرات, فإن كان قادرا على أن يزيله لزمه أن يتبعهم, ويزيل ذلك المنكر ,ويقنعهم ويأمرهم بالسنة، وإن كان غير قادر فلا يتبعه لأن فيه إقرارًا بذلك المنكر.