جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
134589 مشاهدة print word pdf
line-top
القيام فيها والتكبير وقراءة الفاتحة

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح رحمه الله تعالى: وواجبها أي الواجب في صلاة الجنازة مما تقدم قيام في فرضها وتكبيرات أربع والفاتحة، ويتحملها الإمام عن المأموم.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، قيل: إن صلاة الجنازة كصلاة المكتوبة؛ أي فيها أركان وواجبات وسنن، ولكن الظاهر أنه لا فرق فيها بين الأركان وبين الواجبات؛ فالركن والواجب سواء؛ حيث إن ترك الواحد من هذه الواجبات يبطلها بخلاف الصلاة المكتوبة فإن ترك الواجب يجبر بالسجود للسهو، والجنازة صلاتها ليس لها سجود لا فيها سجود فرض ولا سجود سهو، فعلى هذا تكون الواجبات مثل الأركان هذه أركانها.
قد عرفنا أن الركن هو جزء الماهية؛ ركن الشيء: جزء ماهيته؛ أي بعض منه؛ فأركان الصلاة أبعاضها وأجزاؤها، فالقيام جزء منها فهو ركن، والتكبيرات جزء منها.. بعض منها فهي ركن، والفاتحة جزء منها فهي ركن، وهكذا بقية الأركان.
التكبيرات قد تقدم أنها أربع، والنسخ القديمة نسخ المتن ليس فيها كلمة أربع، وتوجد في بعض النسخ، والصحيح أنها إضافة من الشرح؛ لأن المتن قيام وتكبيرات والفاتحة إلى آخره ثم ما زاد على الأربع فإنه إما جائز وإما سنة، وتقدم أن بعض العلماء أجاز الزيادة إلى خمس وإلى ست وإلى سبع؛ رووا في ذلك أحاديث، فدل على أن القصر على أربع بناء على الأغلب، وإلا فيجوز أن يزاد عليها في بعض الأشخاص.
أما الفاتحة فهي ركن في الصلاة ؛ يعني في صلاة الفرض وكذا ركن في صلاة الجنازة، وإن سموها واجبا فإن الواجبات والأركان في هذه الصلاة بمنزلة واحدة، وتقدم أن بعض العلماء استحبوا الزيادة على الفاتحة بقراءة سورة رووا في ذلك حديثا؛ يعني فيه زيادة: أنه قرأ الفاتحة وسورة، وأن تلك الزيادة محمولة على أنه كان يفعل ذلك أحيانا لا دائما أو فعله مرة.
وبالجملة فالفاتحة ركن، ذكر أنه يتحملها الإمام كما في صلاة الفرض حتى ولو كانت سرية، فإن عند أكثر الفقهاء أن الإمام يتحمل القراءة عن المأموم في السرية والجهرية ؛ فتلحق بها صلاة الجنازة، ولكن لما كان هناك خلاف في تحمل الإمام حيث ذهب كثير من العلماء إلى أن الإمام لا يحملها في السرية، وبعضهم قال: لا يحملها حتى في الجهرية، فبطريق أولى صلاة الكسوف فإنها سرية، وصلاة الجنائز فإنها سرية فلا يتحملها الإمام بل على المأموم أن يقرأها. نعم.

line-bottom