لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
123814 مشاهدة print word pdf
line-top
الإسراع بالجنازة

ويسن الإسراع بها دون الخبب لقوله عليه السلام: أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم متفق عليه .


فهم كثير من الفقهاء أن هذا الحديث دليل على الإسراع؛ يعني: إذا حملوها فإنهم يسرعون، ولا يصل الإسراع إلى الخبَب الذي هو السعي -السعي الشديد- بل سرعة المشي, سرعة السير وإن لم يكن سعيا, هكذا فهموا من هذا الحديث. فيقولون: المشي رويدا مكروه, والسعي الذي يصل إلى الخبب مكروه، والإسراع -وهو وسط- هذا هو المستحب. لكن المتبادر من الحديث أنه في حثهم على التجهيز, أسرعوا بالجنازة, يعني بتجهيزها؛ وذلك لأنه علل بقوله تضعونه عن رقابكم ومعلوم أنه ليس كل الذين يهمهم أمر الميت, ليسوا يحملونه، إنما قد يحمله مثلا أربعة أو يحمله عشرة، والبقية لا يحملونه, فكيف قال: تضعونه عن رقابكم وهم لا يحملونه؟! ولم يقل: يضعه بعضكم, أو يضعه مَن حمله عن رقبته؛ فدل على أن المراد: التجهيز؛ أي: أسرعوا بتجهيز الجنائز, ولا تؤخروه.
فإنها إذا كانت صالحة قدمتموها إلى خير وهو ما تلقاه في البرزخ، وإذا كانت غير ذلك -غير صالحة- فهو شيء ملزمون به ويهمكم, فتضعونه عن رقابكم؛ بمعنى أنكم تنتهون منه, وتنجزونه وتسلمون من مسئوليته، فكأنكم وضعتم شيئا قد حملتم هَمَّه على رقابكم، وذلك بإنجازكم لهذا الميت. هذا المتبادر أنه في إسراعهم في التجهيز أسرعوا بالجنازةيعني بتجهيزها ودفنها؛ يعني: أنجزوه, لا تؤخروه كما قال -صلى الله عليه وسلم- لا ينبغي لجيفة مسلم أن تُحبس بين ظهراني أهله فدلَّ على أن المراد: بعد موته, لا يؤخر بل يُبادر به، هذا هو الأصل. لكن يجوز تأخيره لحاجة، وقد تقدم في أول الجنائز يقول الماتن هناك: وإسراع تجهيزه إن مات غير فجأة. فاستثنوا إذا مات فجأة أنه يُؤخر إلى أن يتحقق موته؛ لأنه قد يكون أصابه سكتة أو غشية أو إغماء، ولا يكون ميتا بل يكون حيا، وكم قد حصل من ذلك؟!
ذكروا أن ميتا أو نعشًا مر به على أناس جالسين، وقد حمل على النعش، فقال بعض الجالسين: إن هذا المحمول حي، قالوا: قد كيف يكون حيا وقد غُسِّل وكُفِّن ووُضِع على النعش وحمل وذهب به إلى المقبرة؟!! فقال: إنه لا يزال حيا، فأخبروا بذلك, فانتظروا وإذا هو قد أفاق، فسألوه: كيف عرفت أنه حي؟ فقال: رأيت قدميه قائمتين! يعني: أنه قد وقفت قدماه، والميت قدماه تمتد, فاستنبط من وقوف قدميه أنه لا يزال فيه حياة؛ فلا يسرع به إذا كان مثلا موته فجأة، أما إذا تحقق موته فإنه يسرع به.

line-bottom