لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كتاب الروض المربع الجزء الأول
86904 مشاهدة
توسعة القبر وتعميقه

ويسن أن يوسع ويعمق قبر بلا حد ويكفي ما يمنع من السباع والرائحة. ومن مات في سفينة ولم يمكن دفنه ألقي في البحر سلًّا كإدخاله القبر, بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه, وتثقيله بشيء.


يقول: الميت معلوم أنه لا بد من دفنه، وأنه هكذا هذه نهايته، فيدخل في قبره ويوضع على شقه الأيمن وينصب عليه اللبن كما عرفنا، أيش أول الكلام؟

(ويسن أن يوسع عليه).

أما الواجب فهو كونه مثلا يكون بقدره, ولا يُزاد في توسعته، يُوسَّع في قبره بحيث يكون واسعا عليه، فلا يكون قصيرا, ولا يكون -مثلا- ضيقا بحيث يضغط فيه ضغط، بل يوسع عليه بقدر، أما التوسعة الزائدة فلا حاجة إليها؛ وذلك لأنه إنما هو لأجل مواراته؛ بحيث إنه مع هذه التوسعة, وهذا التعميق, وهذا الدفن يحفظه من السباع حتى لا تحفره, ويحفظه من أن تخرج رائحته؛ يعني: إلى ظاهر الأرض، إذا عُمِّق لم يخرج له رائحة، بل يبقى إلى أن يكون ترابا.
وأما إذا مات وهو بالبحر -في سفينة- فذكروا أنه يُثَقَّل.. يُجعل.. يربط فيه مثلا حجر؛ لأجل أن يرسب به في جوف البحر؛ أحيانا مثلا إذا ركبوا سفينة قد يموت معهم ميت, وليس معهم حنوط يُحَنَّط به, أو ثلاجة يُثَلَّج فيها، والسفينة قد تبقى في البحر شهرا ما تقطع المسافة؛ لأن السفينة سيرها إنما هو بالريح, تدفعها الريح, ليست كالسفن الجديدة التي تندفع بالآلات، فبقاؤهم مثلا شهر أو ربما نصف سنة وهم في البحر ما يقطعونه، هذه المسافة هذه المدة, لا بد إذا مات فيهم ميت أنه يتغير، ولا يجدون أرضا يدفن فيها فليس لهم إلا أن يجهزوه؛ بمعني أنهم يغسلونه ويكفنونه ثم يلقونه في البحر إلقاء بعدما يربطون فيه حجرا أو نحوه ثقيلا حتى لا يطفو، بل يرسب في قعر الماء تأكله دواب البحر أو نحوها.
قوله:سَلًّا يعني: يلقى في البحر إلقاء هذا معنى السَّلِّ؛ كأنه يلقى على قدميه أو على رأسه أو على أحد جنبيه؛ يُسَلُّ سلًّا.