إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
128391 مشاهدة print word pdf
line-top
المراد بالنقدين

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح -رحمه الله تعالى- باب زكاة النقدين أي: الذهب والفضة، يجب في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالا، وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم إسلامي ربع العشر منها؛ لحديث ابن عمر وعائشة مرفوعا: أنه كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال رواه ابن ماجه وعن علي نحوه وحديث أنس مرفوعا في: الرقَة ربع العشر متفق عليه والاعتبار بالدرهم الإسلامي؛ الذي وزنه ستة دوانق.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
النقد: هو ما يُنقد في قِيَم السلع. يُقال: نقد الثمن يعني: دفعه وسلمه. والنقود هي: العملة التي يتعامل بها وكانوا يتعاملون بالذهب والفضة؛ يصوغون منها نقودًا؛ فمن الذهب: الدينار، ومن الفضة: الدرهم، ولم يزالوا كذلك إلى عهد قريب يتعاملون بالنقد من الذهب ومن الفضة. أدركنا في هذه الأزمنة المتأخرة النقد من الفضة يسمى عندنا ريالا فرنسيا أو ريالا سعوديا، وفي الهند والباكستان يسمى روبية، وكذلك قد يُسَمَّى أيضا قِرشا وهو من الفضة أو نحوها، فتكون هذه الأشياء هي قِيَم السلع.
من اشترى سلعة فإنما يدفع قيمتها من هذه النقود، هذا هو الأصل. ثم في هذه الأزمنة قامت مقامها هذه الأوراق، وسُمِّيت نقودا أوراقا نقدية، وسميت أيضا بأسماء النقود القديمة؛ فالدرهم يوجد في بعض العملات، والدينار يوجد أيضا كما في الدينار الكويتي والعراقي، وكذلك وُجد ما يُسمى بالجنيه عندنا وفي السودان وفي مصر لكن الجنيه عندنا لا يزال من الذهب، وأما عندهم فهو من الأوراق، والحاصل: أن الفضة يُصاغ منها نقود، والذهب يُصاغ منه نقود قديما وحديثا. وقد كان العرب قبل الإسلام يتعاملون بالنقود الرومية والفُرسية، ثم بعدما دخل أهل تلك البلاد أو بعضهم في الإسلام، واتسعت رقعة الإسلام ضُربت النقود الإسلامية في عهد عبد الملك بن مروان واستغنوا عن النقود الرومية والفارسية ونحوها، وأصبحت النقود مُعَيَّنة؛ فأصبح الدرهم له مقياس معلوم، والدينار له وزن معلوم. ولما كانت من الأموال التي تُستثمر, والتي يُتاجر بها وجبت فيها الزكاة؛ لعموم الآيات التي فيها قوله: وَآتُوا الزَّكَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وقوله: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ حق: يعني واجب.
ومعلوم أن من الأموال أو من أنفس الأموال هذه النقود، ومعلوم أيضا أنها ذات قيمة في النفوس، فهي التي تخدم أهلها وتنفعهم عند الحاجة، ويستعملونها في استجلاب حاجاتهم، وإن كان في اقتنائها أو في صورتها ما قد يكون محلا لذمها؛ ولكن هي في الحقيقة نافعة وخادمة لمن كانت معه ومفيدة له وتحل عنه المضائق التي يقع فيها، فلا جرم أصبحت زكوية، ولما كانت غلتها أقل من غلة المواشي ومن غلة الخارج من الأرض جعلت زكاتها أقل فجعل فيها ربع العشر، وجعل نصابها أكثر؛ مائتي درهم وعشرين مثقالا.
ذكروا أن الدرهم أنه يساوي ستة دوانيق أو نحوها، والدانق هو أيضا قطعة صغيرة من الفضة يستعملونها، والآن صاروا يزنون بما يسمى بالجرام أو الغرام؛ هكذا يلفظون به جرام لغة أجنبية ولكن لما كان هذا الحرف الجرام ليس فصيحا قلبوه إلى جيم أو غين. فمنهم من يقول: غرام ومنهم من يقول: جرام، لأن الجاء ليست من الحروف الفصيحة، وإن كانت تقوم مقامها القاف. فالوزن الآن يرجع إلى هذا الجرام. وبكل حال الأصل أنه يرجع إلى مقدار الذهب ومقدار الفضة؛ مقدار النصاب من الذهب ومقدار النصاب من الفضة ومقدار قيمتهما، تقدير العشرين دينارا والمائتي درهم بالجرامات ؛ منهم من قدر العشرين دينارا بأربعة وثمانين درهما، ومائتي درهم بمائة وخمسة وتسعين.

line-bottom