القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
144803 مشاهدة print word pdf
line-top
البكاء على الميت

ويجوز البكاء على الميت لقول أنس رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تدمعان وقال: إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم متفق عليه .


البكاء أمر يغلب الإنسان. في حديث أسامة لما رُفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن بنته ونفسه تتقعقع فاضت عيناه يعني دمعت وقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده, وإنما يرحم الله من عباده الرحماء . وفي حديث سعد , لما مرض سعد بن عبادة زاره النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مريض قد اشتد مرضه، بكى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما رأى الصحابة بكاءه بكوا ثم قال: ألا تسمعون! إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب, ولكن يعذب بهذا أو يرحم يعني لسانه.
هكذا أخبر أن دمع العين أمر يغلب كذلك حزن القلب، ولما مات ابنه إبراهيم بكى أيضا، وقال: العين تدمع, والقلب يحزن, ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون فدلَّ على أن البكاء أمر غالب, فلا يُؤاخذ به، وفيه رحمة للميت, وإذا قويت نفسه، وتجلَّد ولم يغلبه البكاء فهو أفضل، ولكن إذا غلب فإن ذلك دليل على الرحمة. نعم.

line-bottom