الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
كتاب الروض المربع الجزء الأول
89513 مشاهدة
جهل الذَّكَر في صلاة الجنازة أو جهل من يصلى عليه

ويشترط لها النية فينوي الصلاة على الميت ولا يضر جهله بالذَّكَر وغيره؛ فإن جهله نوى على من يصلي عليه الإمام.


صلاة الجنازة أيضا لها شروط، فمن شروطها: الطهارة -رفع الحدث- ومن شروطها: إزالة النجاسات عن البدن والبقعة والثياب، ومن شروطها: استقبال القبلة كسائِرِ الصلوات، ومن شروطها: سَترُ العورة كالصلاة، ومن شروطها؛ اختُلِف في الوقت, ولا بد أنه يُشترط الوقت المناسب بحيث لا يُصلَّى عليه عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا في القيلولة فيكون شرطا خامسا، ولا بد أيضا من الشروط العامة: أن يكون المصلي مسلما، وأن يكون عاقلا، وأن يكون مميزا، ولا بد من شرط تاسع وهو: النية؛ لتكون شروط الصلاة تسعة، وشروط صلاة الجنازة تسعة؛ فالإسلام ,والعقل, والتمييز, والطهارة, وستر العورة, واجتناب النجاسات, ودخول الوقت, واستقبال القبلة, والنية؛ فهذه شروط مُعْتَبَرة في الصلاة المفروضة, وفي صلاة الجنازة.
النية محلها القلب -كما تقدم في الصلاة- والتلفظ بها بدعة، فلا يقول قبلها: نويت أن أصلي على هذا الميت! بل يكفي عزمه بقلبه على أنه سوف يصلي عليه، كذلك من النية لا يشترط فيها معرفة عين الميت أنه فلان أو فلان، بل يكفي أنه مسلم، وكذلك أيضا لا يشترط أن يعرف هل هو ذكر أم أنثى، بل إذا عرف أنه مسلم صلى عليه.
وقد تقدم أنه إذا كان الميت ذكرا ذَكَّر الضمير وإذا كان أنثى أنَّث الضمير، بأن يقول: اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها وأما في المذكر فيقول: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه فإن جهله وذكر الضمير وأصبح أنثى جاز ذلك، لو قال مثلا: اللهم اغفر له وارحمه ونوى هذا الميت لا يدري هل هو ذكر أم أنثى؟ اللهم اغفر له وارحمه وأصبح أنثى يجزئ ذلك؛ لأنه نوى هذا الميت، وكذلك العكس، لو كان ذكرا وأنَّث الضمير بقوله: اللهم اغفر لها وارحمها ينوي هذه النفس أو هذه الجنازة فيكفيه، تكفيه هذه النية.
ويجوز أن ينوي الصلاة على مَنْ يُصَلِّي عليه هذا الإمام ذكرا أم أنثى، بقطع النظر عن معرفة عَيْنِه، يثق بأن الإمام لا يصلي إلا على مسلم، فيثق بأنه مسلم. نعم. ..
يُتجنب من إشراق الشمس إلى أن ترتفع، وكذلك حين يقوم قائم الظهيرة, وحين تتضيف الشمس للغروب.