الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
155349 مشاهدة print word pdf
line-top
سنن العيد

ويسن إذا غدا من طريق أن يرجع من طريق آخر لما روى البخاري عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق وكذا الجمعة. قال في شرح المنتهى: ولا يمتنع ذلك أيضا في غير الجمعة، وقال في المبدع: الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنًى خاص فلا يلتحق به غيره


نذكر في الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب إلى مصلى العيد من طريق رجع من طريق آخر لا يرجع من الطريق الذي ذهب منه؛ الحكمة إما تكثير المواضع العبادة وعلى هذا فتلحق به الجمع والصلوات الأخرى، وقيل: إن الحكمة فيه إغاظة المنافقين إذا ذهب من طريق ومر بهم, ورجع من طريق أخرى ومر بهم غاظ هؤلاء, وغاظ هؤلاء، ولكن يُلحَق بذلك أيضا الْجُمَع والصلوات الخمس ونحوها، وقيل: إن الحكمة في ذلك هي تعليم الأهالي أن يمر بهؤلاء فيعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، ويمر بهؤلاء راجعا فيعلمهم، وقيل: إن القصد التوسعة والصدقة أنك إذا مررت بهؤلاء رأيت فيهم مثلا ضعفاء تصدقت عليهم، فإذا رجعت مررت بآخرين مستحقين أيضا للصدقة فتصدقت عليهم، وهناك من يقول: إن الحكمة غير معلومة فتختص بصلاة العيد ولا يُلحق بها غيرها من الصلوات. وتكفي المخالفة ولو كانت يسيرة؛ يعني إذا ذهبت مثلا إلى مسجد مصلى العيد مع هذا الطريق الذي يذهب مثلا في هذه الجهة، ورجعت مع هذا الطريق الذي يكون في جهة الشرق حصلت المخالفة. نعم.

line-bottom