إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
129448 مشاهدة print word pdf
line-top
المشي أمام الجنازة

ويسن كون المشاة أمامها, قال ابن المنذر: ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة. وكون الركبان خلفها لما روى الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: الراكب خلف الجنازة وكُرِه ركوب لغير حاجة وعودٌ.


يقول: العادة أنهم إذا صلوا على الجنازة في المسجد، أو ذهبوا بها للصلاة عليها في البقيع أو في المقابر يحملها بعضهم، والبقية لا يحملون, بل يسيرون خلفها، وكثير منهم قد يركب على دابة -كحمار مثلا, وجمل, وحصان- لعجزه مثلا, أو لبعد المكان، والكثير الآخرون يَسيرون على أقدامهم.
أين يسير الركبان؟ يقولون: الْأَوْلى أنهم يسيرون خلفها، والمشاة أمامها, والركبان خلفها, هذا اختيار بعض الفقهاء؛ كأنهم يقولون: إن الركبان لا يتعبون فلهم أن يسيروا بتؤدة، وربما مثلا تعبوا -تعب الذين يحملونها- فينزل بعض الركبان ويحملونها لكونهم قد أراحوا أنفسهم. وقال بعضهم: بل هما سيان؛ يعني: يجوز أن يكون الراكب خلفها أو أمامها, والماشي يجوز أن يكون خلفها أو أمامها، وإنما النقل في ذلك فعل وليس فيه قول, فكونهم مثلا رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة وبعض أصحابه يمشون خلفها لا يدل ذلك على أن ذلك من السنة وأنه مُطَّرِد؛ لأنه روي أيضا أنهم مرة من المرات يسيرون أمامها, فدل على أنه يجوز أحيانا أن يكون الراكب أمامها وأحيانا يكون خلفها.
وكذا يقال في الماشي: أن يكون الماشي خلفها أو أمامها حسب ما تقتضيه الحال؛ وذلك لأن بعض المشاة قد يكون نشيطا فلا يضره أن يكون في مقدمتها، والآخر قد يكون متوانيا أو متثاقلا, فلا يتيسر له إلا كونه خلفها والكل فيه سعة.
أما متى يباح له الركوب؟ يقولون: إذا رجع فله أن يركب، إذا رجع من المقابر بعد الدفن فله أن يركب، وله أيضا أن يركب إذا كان كبير السن أو مريضا، وله في هذه الأزمنة أن يركب لِبُعْد المسافة؛ يعني: بُعد المكان يعوزه إلى أن يركب لمشقة قطع الطريق -قطع الطريق على الأرجل-. فالحاصل أنه يجوز الركوب ويجوز المشي، ولكن المشي الأفضل إلا لعذر, كمرض مثلا أو بُعْدِ مكان.

line-bottom