تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
كتاب الروض المربع الجزء الأول
101581 مشاهدة
زيارة القبور

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح -رحمه الله تعالى- فصل تسن زيارة القبور وحكاه النووي إجماعا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها رواه مسلم والترمذي وزاد: فإنها تذكر الآخرة .


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن زيارة القبور في أول الأمر ؛ ذلك مخافة الغلو في القبور والأموات ودعائهم, أو مخافة الصياح والنياحة على الأموات، ثم بعد أن علمهم الأحكام وعرفوا ما يجوز وما لا يجوز، أَذِنَ لهم بعد ذلك, رخَّص لهم في زيارة القبور.
ورد في ذلك أحاديث تدل على مشروعيتها، وأصبح ذلك مجمعا عليه بين المسلمين؛ وذلك لكثرة الأدلة التي تنص على إباحة زيارة القبور؛ العلة أو المصلحة أحد أمرين، الأول: تذكر الآخرة، والثاني: الدعاء للأموات؛ ورد الأول منصوصا عليه في قوله: فإنها تذكر بالآخرة يعني: وتُزَهِّد في الدنيا، وذلك لأن الذي يزورهم يتذكر أنهم كانوا بشرا مثله، وأنهم كانوا معه, وأنهم كانوا ينافسونه ويسابقونه في الأعمال، وأنهم -كانوا على مثل ما هو عليه, لهم أملاك, ولهم أموال, ولهم أعمال, ولهم قصور, ولهم دور, ولهم أولاد، ثم انقضت آجالهم، وطُوِيَتْ أعمارهم، ورحلوا من الدنيا, وسكنوا تلك القبور ينتظرون البعث والنشور، ولذلك كان الكثير من العلماء إذا زاروهم يتذكرون ما كانوا فيه، ويذكرون الأحياء بحالهم، فكان بعضهم كما رُوِي عن أبي العتاهية يقول:
ألا يـا عسكـر الأحيــاء
هـذا عسكـر المـــوتى
أجابـوا الدعـوة الصغـرى
وهـم منتظـرو الكــبرى
يحثــون عـلى الــزاد
ومـا زادٌ سـوى التقـوى!
يقـولـون لكـم: جِــدُّوا
فهــذا آخــر الدنيـــا
فزيارتهم تذكر الآخرة.
وأما الفائدة الثانية: فهي الدعاء للأموات؛ الدعاء للأموات مأمور به مطلقا، ومعلوم إذا زارهم وتذكر أن هذا فلان وهذا فلان أو هذه مقبرة فلان وفلان دعا لهم؛ إما دعاء عاما وإما دعاء خاصا إلى فلان وفلان, فيكون بذلك محسنا إليهم، هذا هو الحكمة في زيارة القبور يُشترط ألَّا يرحل إليها, لا يشد الرحيل؛ يعني: لا يركب بعيرا أو سيارة يقطع فيها مسافة لقوله في الحديث: لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فمعناه: أنها لا تشد إلى بقعة, ولا إلى قبر, ولا إلى شجر, أو غار, أو حجر, أو نحو ذلك للتبرك به أو نحوه؛ وذلك أن الحكمة تحصل بغير شَدِّ رحل، فإن كل بلدة فيها مقابر إلى جانبهم, وتلك المقابر يحصل بها المقصد وهو تذكر الآخرة.
لكـل أنـاس مقـبر بفنائهم
فهم ينقصـون والقبـور تزيـدُ!
نعم.