الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
188024 مشاهدة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)

الحمد لله الذي شرح صدر من شاء للإسلام، وتفضل على عباده بجزيل الإنعام، وأرسل محمدا إلى جميع الأنام، وبين له السنن والأحكام، أحمده سبحانه وأشكره على أن علمنا الحلال والحرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك العلام، القدوس السلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، وتعبد وقام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.
أما بعد:
فإن علم الفقه في الدين من أجل العلوم، فإن به يعرف العبد ما يجب عليه وما كلف به، فيفعل العبادات الواجبة، وتبرأ ذمته إذا فعله كما أمره الله، ويتقرب إلى الله تعالى بأنواع القربات التي يرجو أجرها وذخرها عند ربه تعالى، ويعرف ما حرمه الله عليه وما نهاه عنه من الآثام والمعاصي، وما يسبب سخط الله تعالى وغضبه.
ولذلك حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على التعلم والتفقه في القرآن وتعلم السنة كما في قوله -صلى الله عليه وسلم- خيركم من تعلم القرآن وعلمه أي: تعلم ألفاظه وأحكامه، كما ذكر بعض الصحابة أنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل. وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- دعا لابن عباس بقوله: اللهم فقهه في الدين فاستجيبت دعوته لابن عمه الذي عرف بحبر الأمة وترجمان القرآن، حيث اعتبر فقيه الأمة.
ولا شك أن الله سبحانه قد تكفل بحفظ الدين كما قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] والذكر هو: الشرع الشريف الذي بلغه النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- لأمته، وهو تضمنه هذا القرآن الكريم، وهذه السنة المطهرة، فقد قيض الله سبحانه من يهتم بهذا الدين ويحتفظ بأصوله ومراجعه، ويعتني بها حتى لا يفقد منها شيء تحس الأمة بفقده، فيقعوا في الضلال والتخرص في أمر الدين الذي هو ما أمر الله تعالى به عباده، وما نهاهم عنه، وما أباحه لهم، وما يترتب على فعله أو تركه ثواب أو عقاب، ويعم ذلك وقائع الدنيا من أول العد إلى آخره.
وذلك لأن نبي هذه الأمة محمدا -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم النبيين وإمام المتقين، وهو المبعوث إلى جميع الخلق من البشر المكلفين، فلذلك كانت شريعته سمحة سهلة مناسبة لما وضعت له، وضعها الرب سبحانه وهو أعلم بمصالح البشر، وهو سبحانه وتعالى أعلم بأحوال عباده أولهم وآخرهم؛ فلذلك كانت هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، فمهما تغيرت الأحوال، ومهما حصل التقدم في الحياة، ووجدت الوسائل والأسباب التي سخرها الله تعالى وخلق أسبابها، وأطلع عليها من شاء من عباده فابتكروا هذه الصناعات، واخترعوا هذه المصنوعات التي يسر الله بها ما كان عسيرا، وقرب بها ما كان بعيدا، ومع ذلك كله فإن الشريعة الغراء لا يمكن أن يتغير شيء من أحكامها متى وجدت مبرراتها.
ولا عبرة بمن أعرض عن تعلم العلم الشرعي الذي هو ميراث نبينا -صلى الله عليه وسلم- وادعى أنه قد تغير وقته، وأنه إنما يناسب أولئك البدائيين الذين يسكنون في بيوت الطين والشعر، ويسافرون على الإبل والحمر والسفن، ويعيب الاشتغال بعلم العلماء الربانيين بأنه رجعي متأخر، ولا شك أن هؤلاء لم يفقهوا عن الله تعالى شرعه ودينه، ولم يقدروه حق قدره، فالله سبحانه عالم بكل ما حدث وتجدد قبل أن توجد أسبابه، وهو خالق كل شيء، فهو الذي وضع لعباده هذه الشريعة الغراء، وضمنها ما يحتاج إليه البشر أولهم وآخرهم، فلا يمكن أن تكون صلاحيتها مؤقتة بزمان، ولا خاصة ببلاد أو دولة معينة، فمن أعمل فكره فيها عرف اشتمال هذه الأوامر والنواهي على كل ما فيه المصلحة المحققة، وعلى كل ما يحتاج إليه البشر في هذه الحياة، فإن الله سبحانه هو أعلم بمصالح العباد في جميع أمورهم، ما يختص بالدين، وما يتعلق بالدنيا، فما حرم عليهم من المكاسب والحرف إلا ما فيه المضرة والفساد، وقد أباح لهم أنواع الحرف والصناعات والأعمال المتنوعة التي يكسبون من ورائها مالا مباحا لا شبهة فيه.
فدخل في ذلك علوم الهندسة والكيمياء والفيزياء ونحوها إذا لم تتعارض مع علم العقيدة وأصول الإيمان، وكان في تعلمها طريق إلى اكتساب المال بوجه مباح، ولم يشغل عن العلم الصحيح الذي يعرف به العبد ما أوجبه عليه ربه وما حرمه عليه، ولم يشغل عن القربات والأعمال الصالحة التي ترغب في الدار الآخرة وتقرب إلى رضا الرب سبحانه.
فليست هذه الصناعات والحرف وليدة هذا الزمان، فقد تكلم فيها السابقون، وشرحوا وسائلها، وتعلموا أسبابها، لكن التطبيق الكامل إنما توفر في هذه القرون المتأخرة، ومع ذلك لا ينبغي ولا يجوز اعتقاد أنه يغير مجرى الحياة، ولا عقيدة المسلمين.
بل الواجب على المسلم في كل زمان ومكان أن يؤمن بالله ربا وخالقا ومدبرا، وأن يعتقد وجوب حقه على العباد، وأن يلتزم بطاعته وامتثال ما أمر به وتجنب ما نهى عنه، وأن يستعد للقائه، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجزاء الأخروي على الأعمال، ولا يرده هذا الاعتقاد عن التعلم في المدارس الجديدة، ولا عن التمتع بما سهله الله ويسره في هذه الحياة، فينتفع بالتيار الكهربائي في الإضاءة والتبريد ونحوهما، ويركب السيارات والطائرات والبواخر البحرية، وينتفع بالمضخات والماكنات التي تستعمل في حاجات الناس، والتي يسرها الله وسهل أسبابها، فحصل بها نفع كبير في أمور الدين والدنيا، في نشر الكتب، وفي سماع البعيد، وفي نقل الأصوات والعبارات، فكل ذلك من خلق الله تعالى وتيسيره لعباده، ولو كان جديدا على الأمة، ولا يضر ذلك عدم ذكر أكثره في النصوص مفصلا، حيث إن الأولين قد يستغربون أن الحديد يتكلم ويسير ويطير إلخ.
ومع ذلك كله فإن المسلم يعتقد أن هذه الشريعة كاملة وافية بحاجة البشر فيما يتعلق بالدين والدنيا، وذلك من حيث اشتمالها على النصوص والأدلة التي يفهم منها قواعد كلية يتفرع عنها أعداد من الوسائل والأمثلة والوقائع، بحيث يستدل بعمومها أو خصوصها على ما يتجدد في هذا الكون من أمور الدين والدنيا، وقد ابتلينا أيضا في هذه الأزمنة بأقوام تسموا بالإسلام، ولكنهم قنعوا بمجرد الانتماء دون التحقق بما فيه من الطواعية والامتثال، بحيث قصروا الإسلام على الأعمال الدينية في المساجد والمعتكفات، وأرخوا لأنفسهم الأعنة في أمور الحياة، واستباحوا كسب المال من الوجوه المحرمة، وزعموا الحرية في أنفسهم وأموالهم، وادعوا أن الشرع لا يمكن أن يحجر عليهم المكاسب المناسبة لهم، ولو كانت محرمة شرعا، فأباحوا المعاملات الربوية بأغلب أنواعها، وتعاملوا بربا الجاهلية، وكذا توسعوا في إباحة كسب المال عن طريق الغش وأخذ الرشوة والغلول، فعندهم أن الحلال ما حل بيدك، أو أنه حصل عن رضا وقناعة من المتعاملين، ولم يعتبروا ما علل به الشرع من الأضرار والمفاسد التي تترتب على تلك المعاملات.
ولا شك أن هؤلاء قد خرجوا من سمة الاتباع، وصدق الانتماء إلى الإسلام، بل يخاف عليهم أن يكونوا من المنافقين الذين يعملون مع المسلمين في الظاهر، ولكنهم في الباطن يخالفونهم، ويتعاملون مع أعدائهم، أو أنهم من اليهود والنصارى الذين حكى الله عنهم أنهم يقولون نؤمن ببعض، ونكفر ببعض، وعابهم بقوله: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة: 85] .
فإن المؤمن حقا يلتزم التقبل لكل ما جاءت به هذه الشريعة ويتقيد بتعاليمها ولو لم تظهر له الحكمة في التشريع؛ لإيمانه بأن الذي كلف بها هو الخالق الذي هو أعلم بمصالح عباده، فيرضى ويسلم ويستسلم لأمر ربه، ويبتعد عن كل ما حرم الله تعالى، ويعتقد أنه سبحانه حرم أكل الربا ، لأنه أخذ للمال بالباطل ولو تراضى الطرفان، وكذا يقال في تحريم الرشوة وفي تحريم الزنا ولو بذلت المرأة نفسها باختيارها، وتحريم ما يفسد العقول من المسكرات والمخدرات ، ولو كانت لذيذة في المطعم، وهكذا جميع ما اشتملت عليه هذه الشريعة المطهرة.
ولا يعتقد أن الرسل والأنبياء اقتصروا على تبليغ العبادات البدنية كالصلاة والصوم والحج والعمرة، والصدقة المفروضة ونحوها، فإن هذا اعتقاد خاطئ انتحله هؤلاء العلمانيون مخالفين لما تحويه النحلة والشريعة، ليبيحوا لأنفسهم ما تميل إليه من المعاصي والمخالفات، فعلى المؤمن ألا ينخدع بشبهاتهم وتمويهاتهم التي هي كسراب بقيعة.
ولا عبرة بكثرة هؤلاء المخالفين وتمكنهم في كثير من الدول من القيادة والسيادة والسيطرة، وسطوتهم على أهل الحق وإلزامهم الجمهور بما يختارونه من تبرج النساء، وكشف الوجوه، ومن حلق اللحى، وترك الصلاة، ظنا منهم أن هذا هو سيما أهل الطاعة والموافقة، ومن خالف ذلك رموه بالإرهاب والعصيان والمخالفة والشذوذ، والتعصب والغلو والتزمت، ونحو ذلك من العبارات المنفرة عن الحق المبين.
وبعد:
فإن من فضل الله تعالى أن قيض لهذه الأمة من يحفظ عليها دينها، ويشغل بذلك وقته، ويبذل في ذلك جهده، لتقوم الحجة على المتأخر كالمتقدم، ولا شك أن الاشتغال بذلك هو العلم الصحيح الذي يحصل به نفع الأمة ونجاتها، وسلامتها من الجهل والضلال، ولقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بمن يحمل الشريعة ويعمل بها ويعلمها من هذه الأمة، وأنهم خيرها وصفوة أهل الإيمان، فثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تبنت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به متفق عليه .
وهو مثل موافق للواقع؛ فإن من العلماء من اشتغل بحفظ النصوص واستظهارها، وحرص على أدائها كما هي، وحافظ عليها أن يدخلها تغيير أو تبديل، أو نقص أو زيادة، فهؤلاء هم حفاظ الأمة، قيضهم الله لحفظ الشريعة حتى لا تلتبس بغيرها، وهناك آخرون كان شغلهم الشاغل هو التفقه في هذه النصوص، والاستدلال بها، وتطبيقها على وقائع الأمة، واستنباط الأحكام منها، فكانوا مرجعا للعامة عند حلول الوقائع، وتجدد المسائل، وهؤلاء هم فقهاء الأمة وعلماؤها، وأفضل منهم من جمع بين الحفظ والاستنباط، والتفقه والاستدلال، فرزقهم الله الحفظ القوي والذكاء في الأفهام، وقوة الذاكرة، والقدرة على الاستدلال بالنصوص على الوقائع، ومن هؤلاء الأئمة الأربعة الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وإن كانوا متفاوتين في هذه الصفات، وقد تبعهم الكثير هن علماء الأمة، وأشغلوا أوقاتهم بتدوين ما فتح الله عليهم في العلوم والأحكام، وسموا تلك العلوم بفقه الأوامر والنواهي، وكثرت مؤلفاتهم قديما وحديثا، وأقبل العلماء على تلك المؤلفات بالشرح والإيضاح، والتعليق والاختصار والإتمام.
وكان من المتأخرين الذين كتبوا في علم الفقه العالم الجليل، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي من علماء القصيم توفي رحمه الله تعالى في عام ست وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، فقد كتب في الفقه عدة رسائل ومسائل، ومن أشهرها رسالة مختصرة احتوت على أهم علوم الفقه سماها (منهج القاصدين وتوضيح الفقه في الدين)، وقد طبعت هذه الرسالة عدة طبعات، وانتفع بها الكثير ممن أراد الله به خيرا، حيث إن المؤلف رحمه الله تعالى أوضح ما عبر به، واستدل بكثير من النصوص، وساق الأحاديث كمسائل، فلا جرم كانت محل إعجاب، ونفع الله بها المبتدي والمنتهي، وفي علمي أنها لم تحظ بشرح يوضح معانيها، ويجلي ما أجمل فيها.
وحيث إن المؤلف رحمه الله تعالى معه سعة اطلاع على المؤلفات القديمة والحديثة، سيما على مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية حيث نراه كثيرا يميل إلى اختياراته وترجيحاته، لكنه في هذه الرسالة غالبا يتقيد بمذهب الإمام أحمد ولا يتعرض للمسائل المرجوحة، أو للخلاف القوي بين العلماء، بل يقتصر على المسائل القريبة، ويؤيدها بالدليل من الكتاب والسنة، أو يذكر ما ترجح عنده وإن خالف المذهب الحنبلي إذا كان الدليل يؤيده، ولإيثاره الاختصار قد يترك بعض الأبواب لندرة مسائلها، وكذا يقتصر في بعض الأبواب على المسائل المشهورة دون النادرة.
وبالجملة فإن هذه الرسالة تعتبر زبدة الفقه، رغم اختصارها، لسهولة العبارة، وكثرة الأداة، ووضوح المعاني.
ثم إن وزارة الشؤون الإسلامية في عام 1416 هـ وافقت على دورات صيفية في المساجد المشهورة بالرياض ومن جملتها مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية في حي سلطانة بالرياض فاختير لمادة الفقه هذه الرسالة، وأسند إلى شرحها على الجمهور الحاضرين، الذين يزيد عددهم عن الألفين، فالتزمت بشرحها، ولقصر مدة الدورة التي هي ثلاثة أسابيع التزمت الاختصار في الشرح، دون التوسع والبسط في المسائل الخلافية، ودون ذكر التعليلات والحكم والمصالح التي تترتب على العبادات والمعاملات، فيسر الله تعالى بمنه إتمام شرحها في تلك المدة الوجيزة، مع أن الزمن هو ما بين العشائين، وقد يمتد إلى بعد صلاة العشاء الآخرة.
وبعد أن أكملنا شرحها وسجلت في بعض محلات التسجيل، قام بعض الطلاب بتفريغها ونسخها من الأشرطة، وتصحيحها، وعرضت علي بعد التفريغ، فصححت الكثير من العبارات، وحذفت بعض الجمل المتكررة أو الكلمات الزائدة، وحرصت على تصحيح العبارة، ووضوح المعاني، وقام بعض الإخوان بتخريج الأحاديث التي ذكرتها في الشرح، حيث إني أوردتها ارتجالا، ولا بد أن يقع فيها شيء من التغيير والرواية بالمعنى، وقد تم عزوها إلى أماكنها باختصار، دون التعرض للحكم على الحديث إلا ما ينقل عن كتب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من تصحيح وتحسين، وكذا وقعت الإحالة أيضا في بعضها إلى أماكنها من شرح الزركشي على مختصر الخرقي الذي قمت بتحقيقه وتخريج أحاديثه وترقيمها، وطبع في سبعة مجلدات فإن المراجع فيه موثقة.
وبكل حال فهذا الجهد وعلى الله التكلان، فما كان فيه من خطأ ونسيان فهو من نفسي ومن الشيطان، والصواب من الله وبتوفيقه، ومن عثر على خطأ أو تحريف وجزم بذلك فعليه إصلاحه وتصحيحه، فإن الإنسان محل النسيان، لكن لا يتسرع بالإصلاح إلا بعد الجزم واليقين، ونسأل الله العفو عن الذنوب، وستر الزلات والعيوب، ونسأله أن ينفع به قارئه وكاتبه وناشره، وأن يعم بالخير جميع المسلمين، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح أئمة المسلمين، ويجعلهم هداة مهتدين، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشارح
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين
15\5\1418هـ