جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
193263 مشاهدة print word pdf
line-top
الخطبة على منبر

ويستحب أن يخطب على منبر فإذا صعد أقبل على النالر فسلم عليهم، ثم يجلس ويؤذن المؤذن.
ثم يقوم فيخطب ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية.



قوله: (ويستحب أن يخطب على منبر... إلخ):
والحكمة في ذلك أن يرتفع ويقابل المصلين، ويكون ذلك أيضا أندى لصوته، وذلك قبل الأجهزة المكبرة، وبعد وجودها أيضا يقابل المصلين حتى يكون ذلك أقوله إلى مشاهدته ومشاهدتهم، فإذا صعد أقبل على الناس وأقبلوا عليه، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ردوا عليه بمثل ذلك، ثم يجلس بعد السلام، ثم يؤذن المؤذن.
وللجمعة أذانان أذان قبل الصلاة بساعة أو ساعة ونصف لتنبيه الناس، وهو الذي أمر به عثمان، لما رأى غفلة الناس.
والأذان الذي كان على العهد النبوي هو الأذان حين يجلس الخطيب، وبعد الأذان يقوم ويخطب في الناس، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية، أي يفصل بينهما بجلسة، وهذه الجلسة للاستراحة.
وقد ذكرنا أن هذا دليل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يطيل، ويمكن أن تكون كل من خطبتيه نصف ساعة -مثلا- أوثلث ساعة؛ فلذلك يجلس بينهما، ويمكن أن تكون أكثر من ذلك.

line-bottom