إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
سجود التلاوة
ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع في الصلاة، وخارجها.
ثانيا: سجود التلاوة:
قوله: (ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع في الصلاة، وخارجها رأس> ):
سجود التلاوة هو : السجود عند قراءة أو استماع الآيات التي فيها سجدة، وأكثر ما روي خمس عشرة سجدة: في الأعراف والرعد والنحل والإسراء ومريم وأول الحج وآخر الحج والفرقان والنمل والسجدة و ص وفصلت والنجم والانشقاق والعلق، ففي هذه السور وردت السجدات.
وفي بعض هده السجدات خلاف، ففي سجدتي الحج خلاف، حيث إن بعض العلماء قال: إن السجدة الأخيرة مقرون فيها السجود بالركوع: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا قرآن> رسم> [الحج: 77] آية> كمثل قوله: رسم> يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ قرآن> رسم> [آل عمران: 43] آية> والأمر هنا بالصلاة، ومثله قوله: رسم> وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ قرآن> رسم> [البقرة: 125] آية> يعني المصلين، لكن استند من أثبتهما إلى حديث مأثور: رسم> قيل: يا رسول الله، فضلت الحج بسجدتين؟ قال: نعم، من لم يسجدهما فلا يقرأهما متن_ح> رسم> وهذا تأكيد، وإن كان الحديث فيه مقال، لكنه ضعف ينجبر.
وكذلك سجدة ص، فقد ذهب الإمام أحمد إلى أنها ليست من العزائم، كما دل حديث ابن عباس اسم> رسم> ص ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها متن_ح> رسم> وإذا كانت كذلك فقد ورد في حديث: رسم> سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا متن_ح> رسم> فقالوا: إذا كانت سجدة شكر فلا تسجد في الصلاة، إنما تسجد خارج الصلاة، ولكن حيث أن هناك قولا بأنها من السجدات، فإنها تسجد، وقد وردت أحاديث فيها ذكرها ابن كثير في التفسير وغيره.
أما السجدات الأخيرة: (النجم والانشقاق والعلق)، فخالف فيها بعض العلماء كالمالكية، ورووا حديثا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> أنه لم يسجد بعد الهجرة في المفصل متن_ح> رسم> ولكن هذا الحديث ليس متيقنا، فالذي قاله ربما بنى على ظنه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام رسم> أنه صلى صلاة العشاء بسورة الانشقاق وسجد فيها رسم> نقل ذلك أبو هريرة وكذلك غيره، والصحيح أن في المفصل سجدات.
وسجود التلاوة يكون في الصلاة وفي خارج الصلاة، والدعاء فيه أن يقول -كما أثر- رسم> اللهم إني لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت متن_ح> رسم> أخذا من حديث رواه أبو داود عن علي اسم> وكذلك حديث آخر: رسم> سجد وجهي للذى خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين متن_ح> رسم> كذلك قصة الذي رأى في المنام أن الشجرة سجدت فسمعها تقول: رسم> اللهم اكتب لي بها أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا متن_ح> رسم> قال الراوي: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد وأتى بذلك الدعاء الذي نقله ذلك الراوي.
والحاصل أنه يقول فيه ما تيسر.
وقوله: (ويسن سجود التلاوة)، يؤخذ منه أن سجود التلاوة سنة وليس بواجب، وفي أثر عمر: إن الله لم يكتب علينا السجود أي: لم يفرضه، من أحب أن يسجد ومن لا فلا حرج.
وقوله: (للقارئ والمستمع): أي: المنصت المتابع للقارئ، فإذا كان القارئ يقرأ وعنده مجموعة يستمعون له، فإذا سجد يسجدون، وإن لم يسجد فلا يسجدون؛ لأنه كإمامهم، أما لو أن إنسانا يسمع من بعيد، ولم يكن ينصت فلا يشرع له السجود، فالسجود مسنون في المستمعين الذين ينصتون.
مسألة>