إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
193411 مشاهدة print word pdf
line-top
الوقت الذي تجزئ فيه زكاة الفطر

فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه أبو داود وابن ماجه .
وقال -صلى الله عليه وسلم- سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل معلق قلبه بالمساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمنه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه متفق عليه .


قوله: (فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات):
هكذا رواه أبو داود وابن ماجه، وفي بعض الروايات: أنها تجزئ في يوم العيد وذلك لأنه وقتها، فإذا أداها فتكون له صررقة، ولكنها أيضا مجزئه عنه؛ لأن كثيرا من الناس قد لا يتمكنون من أدائها صباح العيد، ولا في ليلة انعيد فتجزئ، وكثير من الناس أيضا قد تفوته فلا يخرجها في يوم العيد فيقضيها بعده مع إثمه للتقصير.
قوله: (وقال -صلى الله عليه وسلم- سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:... إلخ :
أورد المؤلف هذا الحديث وهو حديث أبي هريرة، والشاهد منه السادس، وهو قوله: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه والقصد من هذا الحث على صدقة التطوع، والخصال الباقية ليس هذا موضع شرحها.
والحديث مشتمل على هؤلاء السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، وفي بعض الروايات: في ظل عرشه عندما يشتد الحر في الموقف، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهؤلاء منهم هذا الذي هو صاحب الصدقة فقد تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، والمراد بالصدقة هنا صدقة التطوع؛ ففيه الحث على صدقة التطوع.
مسألة:
أيهما أفضل: الإسرار بالصدقة أم إظهارها ؟
الجواب اختلف في هذه المسألة، والله تعالى ذكر ذلك فقال تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 271] فإظهارها قد يكون فيه عدة مصالح:
منها: إلا يظن بهذا الإنسان البخل، فإنه لو- مثلا- لم يره أحد يتصدق، لقالوا: هذا بخيل ولا يخرج شيئا ويمنع الحقوق ويمنع الصدقات.
ومنها: إن في إظهارها وإشهارها حث وتشجيع للناس على المسابقة إلى الصدقة، فإذا علموا أن فلان تصدق بكذا؛ فيتصدق الثاني والثالث والرابع مثله؛ فيكثر الذين يتصدقون على المساكين، وإن كان ذلك فيه شيء من المنافسة، ولكنها منافسة صالحة.
أما إذا خاف على نفسه الرياء، فإنه لا يجوز أن يظهرها، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ [النساء: 38] يعني: رياء للناس، وفي حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار أنه يقول: ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ولكنك تصدقت ليقال: جواد، فقد قيل،- أو ليقال: كريم فهو لم يتصدق إلا ليمدح بين الناس، ويقال: هذا كريم، وهذا سخي، ومنفق وجواد، فليس له إلا ما نوى.
أما إذا أمن نفسه أنه لا يزيده مدح الناس ولا ذمهم، ورأى أنه إذا أظهرها اقتدى به غيره، فإن إنفاقها والحال هذه جائز للآية الكريمة: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ [البقرة: 271] وقد كان كثير من السلف؛ بل كثير من أبناء الصحابة يحرصون على إسرار الصدقة، حتى إنهم يعطون الفقراء وهم لا يشعرون، أي أنهم يعطونهم من الأقوات وما أشبهها ولا يدري الفقير من أين يأتي هذا المال وهذا القوت وهذا الغذاء ونحوه؛ لحرصهم على إخفاء الصدقات الذي هو أبلغ في الإخلاص وأبعد عن الرياء.

line-bottom