إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
229335 مشاهدة print word pdf
line-top
صيام ثلاثة أيام من كل شهر


وقال أبو ذر: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة رواه النسائي والترمذي .


خامسا: صيام ثلاثة أيام من كل شهر
قوله: (وقال أبو ذر: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام . إلخ):
من المندوب أيضا صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه كأبي هريرة وأبي ذر وأوصى بها أولا عبد الله بن عمرو بن العاص فأمره بأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر؛ حتى يكون كأنه صام الدهر، لأنه إذا صام الثلاثة كأنه صام ثلاثين، فيكون كأنه صام الشهر كله، ويكون ذلك من المسابقة إلى الأعمال.
فكان كثير منهم يحافظون عليها كأبي هريرة، ويقول: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن ما بقيت: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام . فكان لا يدعهن محافظة على الأعمال.
وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام البيض؛ وذلك لأن لياليها بيض، والقمر فيها يكون طالعا من أول الليل إلى آخر الليل، فكأن الليل أبيض والنهار أبيض، فتسمى اليالي البيض أو أيام الليالي البيض، استحب صيامها أن تيسرت، فإذا فاتت على المرأة مثلا في عادتها، فإنها تصوم قبلها أو بعدها، ولا حرج.
كذلك أيضا قد ثبت أن ابن عمر كان يصوم ثلاثة الأيام من أول الشهر، فقيل له: ألا تنتظر إلى أيام البيض؟ فقال: وما يدريني أني أدركها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصاه بقوله: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وكان ابن عمر يقول أيضا: (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح .
سادسا: صيام يوم وفطر يوم .
وأفضل الصيام الذي أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عمرو بن العاص أن يصوم يوما ويفطر يوما، وقال: هذا صيام داود فحافظ عليه عبد الله ولم يخل به حتى توفي، كراهة أن يترك شيئا فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

line-bottom