إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
210446 مشاهدة print word pdf
line-top
الفواسق التي يحل قتلها في الحل والحرم

وقال: ( خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحل والحرم الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور) متفق عليه


قوله: وقال: خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحل والحرم... إلخ :
معلوم أن قتل ما ليس بمأكول ليس فيه فدية، فلو أن إنسانا- مثلا- قتل كلبا غير عقور فلا فدية عليه، أو قتل عقابا أو نسرا أو صقرا فلا فدية عليه؛ لأن هذا ليس بصيد، ومع ذلك لا ينبغي أن يتسرع فيقتل هذه الأشياء.
وقد استدل بعضهم على النهي بقوله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [آل عمران: 97] فقالوا: من دخله حتى ولو من الحيوان غير المأكول فإنه آمن، وأما هذه الخمس فإن قتلهما لأجل الأذى، أي: إنها مؤذية بطبعها، فتقتل لكف الأذى.
* فالغراب كان يؤذي، وذلك أنه يقع على ظهر الإبل الرواحل وينقر الدبر والقروح التي فيها بعد الرحل، فقد كانت تظهر على الإبل من آثار طول الرحل قروح تسمى الدبر، فيأتي هذا الغراب فيقع على ظهر البعير ثم ينقرها حتى ربما يموت من أثر نقره؛ لأنه يأكل منه، والبعير قد لا يستطيع أن يناله بفمه فيؤلمه، فهذا هو ضرر الغراب، ولم يذكروا له إلا أنه يؤذي دوابهم ورواحلهم.
* أما الحدأة : وهي تسمى الحديا، وهي نحو الغراب، أي: في الحجم، ولونها أحمر، وأذاها أنها تختطف اللحوم التي ينشرونها عندما يذبحون الهدايا ونحوها، فيشرقون اللحوم فتختطفها، وربما تختطف أيضا غيرها، وقد تختطف الثياب التي لونها أحمر، لأنها تعتقد أن فيها طعاما أو نحوه؛ فلأجل ذلك أمر بقتلها في الحرم وفي الإحرام.
* أما العقرب : فمعروف أنها مؤذية، لأنها من ذوات السم، ولدغتها قاتلة أو ممرضة.
* وكذلك الفأرة : فالفأرة أيضا مؤذية، وأكثر أذاها أنها تخرق الآنية التي من الجلود كالقربة والمزادة والجراب وظروف الدهن ونحوها، وكذلك تسقط في الأدهان، وقد تفسدها على أهلها.
* وأما الكلب العقور : فيراد به كل ما يعقر الناس، فيدخل فيه السباع، والكلب المعروف هذا قد لا يكون محقورا، ولكن إذا علم أنه يعقر الناس ويعتدي عليهم ويشق الثياب يسمي عقورا، وأما إذا لم يكن يعتدي فلا يسمى عقورا.
* وأما الذئاب : فإنها تعقر، وكذلك الأسود، وكذلك النمور، فكل هذه تسمى كلابا فتقتل.
والحاصل أن المؤلف -رحمه الله- ذكر هذه الأشياء كتكملة لهذه المناسك.

line-bottom