لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
137226 مشاهدة
من ترك واجبا من واجبات الحج

وتارك الواجب: حجه صحيح، وعليه إثم، ودم لتركه.


من ترك واجبا من واجبات الحج
قوله: (وتارك الواجب: حجه صحيح، وعليه: إثم، ودم؛ لتركه):
من ترك واجبا من واجبات الحج متعمدا فإنه يأثم، بسبب النقص وعليه أن يجبره بدم مع التوبة والاستغفار، أما إذا ترك واجبا بسبب الجهل أو النسيان فإنه يجبره بدم.
* فالذي يحرم- مثلا- بعدما جاوز الميقات يعتبر قد ترك نسكا، فعليه دم، لأنه قد حددت تلك المواقيت ونص عليها؛ ليكون الإحرام منها، فإذا جاوزها وأحرم بعدها، فقد ترك نسكا، ومن ترك نسكا فعليه دم.
* كذلك لو انصرف من عرفة قبل الغروب لخالف السنة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بقوا بعرفة حتى غربت الشمس، فيعتبر قد ترك واجبا، ومن ثم فعليه كذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه باتوا بمزدلفة ليلة النحر حتى أصبحوا، إلا أنه رخص للضعفة والظعن أن ينصرفوا قبله في آخر الليل، بعدما غرب القمر، وذلك قبل الفجر بساعة أو ساعتين حتى يرموا قبل زحام الناس، وهذا يدل على أن المبيت يكون إلى نصف الليل أو ثلثي الليل، فمن انصرف في النصف الأخير من الليل فقد أدى الواجب، ومن انصرف قبل أن ينتصف الليل فقد ترك الواجب.
* كذلك أيام منى فالإقامة في منى من شعائر الحج و منى المشعر فيجب على الحجاج أن يقيموا في منى أيام منى الثلاثة، أو على الأقل يومين؛ لقوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203] فالذين لا يقيمون في منى أيام منى قد تركوا واجبا من الواجبات، فعليهم دم.
واختلف في القدر المجزئ من المبيت فقال بعضهم: الليل يكفي، والأصل أن منى مقر الحجاج ليلا ونهارا، ولا يخرجون منها إلا لحاجة كالذين يذهبون للطواف ثم يرجعون، أو الذين لهم عذر كالسقاة والرعاة، فقد رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- للرعاة أن يذهبوا إلى الرواحل يرعونها وأسقط عنهم المبيت ورخص للسقاة الذين يسقون الحاج من زمزم أن يبيتوا بمكة ويتركوا المبيت بمنى ؛ لحاجة الحجاج الى من ينزع لهم الماء.
وقد دل ذلك على أن الرخصة تختص بمن له عذر، فأما من لا عذر له فلا بد أن يقيم بمنى ليلا ونهارا، وهذا هو الأرجح، ولكن الواجب أن يكون في الليل بمنى وإذا امتلأت منى فإن لهم أن ينزلوا في أقرب مكان من منى، فإذا امتلأت نزلوا في أدنى المزدلفة، ومن جاء بعدهم نزل وراءهم ولو إلى نصف مزدلفة، وذلك لأنهم لم يجدوا مكانا فسكنوا في أقرب ما يمكنهم، بمنزلة ما لو امتلأ الجامع يوم الجمعة، فإن الذين يأتون يصفون عند الأبواب ولا يصفون بعيدا حتى ولو سمعوا الصوت؛ بل يصفون قريبا قريبا بحيث تتصل الصفوف، فهكذا إذا امتلأت منى يسكنون بأقرب ما يمكنهم.

* وكذلك رمي الجمار من الواجبات أيضا فذكر في حديث جابر أنه رمى جمرة العقبة ولم يرم غيرها في يوم النحر، ورماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، أما الأيام الثلاثة لمن لم يتعجل فإنه لا بد من رمي ثلاث الجمرات كل واحدة بسبع.
ووقت الرمي يبدأ بعد زوال الشمس، وينتهي على الصحيح بغروب الشمس؛ لأن اليوم ينتهي بغروب الشمس، فيكون هذا هو وقت الرمي، ويرمي الجمرات مرتبا فيبدأ بالصغرى بسبع حصيات، ثم بالوسطى، ثم بالكبرى، يفعل ذلك في اليوم الأول، وهكذا في الثاني، وهكذا في الثالث أن لم يتعجل.
ورخص بعض مشايخنا في الرمي ليلا امتدادا لليوم الذي قبله، واستدلوا بالرواية التي قال فيها أحد الرواة: رميت بعدما أمسيت، قال- يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- لا حرج وإن كان الشراح قالوا: إنه في يوم العيد، والمراد بالمساء آخر النهار لا أول الليل، والذي حمله على ذلك المشقة، ولكن إذا لم يتمكن يوم العيد أن يرمي في النهار، ورمى في الليل بعدما غربت الشمس أجزأه ذلك إن شاء الله، وكذلك في اليوم الحادي عشر إذا لم يتمكن واستمر إما لزحام، وإما لانشغال، وإما لتعب ورمى في الليل أجزأه.
أما اليوم الثاني عشر فإن كان ممن يريد أن يتعجل؛ فلا بد أن يرمي قبل الغروب، ويخرج من منى قبل أن تغرب الشمس، أفا إذا كان لا يتعجل فيقيم في اليوم الثالث عشر، وله أن يرمي في ليلة الثالث عشر، أما في اليوم الثالث عشر فإنه يرمي في الوقت المحدد من الزوال إلى الغروب، ولا يؤخره إلى الليل؛ وذلك لأنه بدخول الليل تنتهي أيام التشريق، وبذلك تنتهي أيام الحج وأيام الموسم.
* أما الحلق فإنه يعتبر عبادة وقربة من القربات ولو أنه إزالة للشعر، أو يفعل للنظافة، ولكنه قربة من القربات وعبادة من العبادات.
والحلق أفضل من التقصير فقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة وذلك لأن الحلق أتم في الامتثال، ولا بد في التقصير أن يعم جميع الرأس، فلا بد أن يدور على الرأس فياخذ ما أمكنه من شعر الرأس، فإن كان شعره طويلا جمعه وأخذ من رؤوسه من هنا ومن هنا، وإن كان قصيرا استدار عليه بالمقراض وأخذ منه من جميع جوانبه؛ حتى يحتاط ويعرف أنه قد أخذ منه كله.
* ومن الواجبات كذلك طواف الوداع ولكنه يسقط عن الحائض والنفساء؛ وذلك للمشقة، وأما غيرهما فلا يسقط، ومن تركه فعليه دم كسائر الواجبات، ويفعل عند العزم على السفر، وهو آخر أعمال الحج ولا يقيم بعده، أن أقام بعده يوما أو ليلة فلا بد من إعادته، وكذلك إذا اتجر بعده، فإذا باع واشترى واستربح فإنه يعيده.

وإذا خرج قافلا إلى بلده ثم تذكر وهو في الطريق أنه لم يطف وأمكنه أن يرجع فإنه يرجع ما لم تشق عليه الرجعة، ويجوز له أن يرجع لطواف الوداع ولو من الرياض، فضلا عن جدة والمدينة والطائف؛ لأن المشقة خفت في هذه الأزمنة، فسهل الرجوع، لكن لو لم يرجع إلى البيت بل سافر إلى بلاد خارج المملكة وشق عليه الرجوع فإن عليه دم.
من ترك سنة من سنن الحج
ذكرنا أن السنن من مكملات الحج، وقلنا: الأفضل أن الإنسان يأتي بها حتى يكمل حجه ويكمل أجره. ولكن من فاتته سنة أو تركها ولو كان متعمدا فإنه لا شيء عليه.