اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
141470 مشاهدة
صيام المريض والمسافر

والمريض الذي يتضرر بالصوم، والمسافر: لهما الفطر والصيام.


صيام المريض والمسافر:
قوله: ( والمريض الذي يتضرر بالصوم، والمسافر لهما الفطر والصوم):
فإذا قال المريض: إنا يضرني الصوم، ولكنني سوف أتحمل وأصبر على الضرر، جاز له ذلك، وإن كان الأفضل له أن يأخذ برخصة الله.
والمسافر له الفطر والصوم فإذا قال: إنا سوف أصوم مع المشقة، ولكني سوف أصبر عليها وأتحمل المشقة للأجر، جاز له ذلك، ولكن الأخذ بالرخصة أفضل.
وفيه عدة أحاديث منها حديث أبي موسى وغيره في الرجل الذي كان في سفر فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- زحاما ورجلا قد ظلل عليه، قال: ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصيام في السفر وفي رواية: عليكم برخصة الله التي رخص لكم فهذا الرجل صام في السفر ولقي مشقة ولما انتصف النهار، إذا هو متعب، وإذا الناس ينظرون إليه، وقد ظلل عليه تحت شجرة، وكأنه بحاجة إلى من يرشه بماء ومن يأتيه بحاجته، فهذا قد أضر نفسه؛ فلذلك قال: عليكم برخصة الله ومع ذلك يجوز، ففي حديث أبي الدرداء الذي في الصحيح قال: كنا في سفر في حر شديد، حتى أن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة فتحمل الصوم في هذا الحر الشديد طلبا للأجر، فدل على أنه يجوز، ولكن عند المشقة الفطر أفضل.
وفي حديث جابر في سفر النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة زمن الفتح صاموا ثمانية أيام ومعه عشرة آلاف، كلهم يصومون، ولما وصلوا إلى قديد أو إلى عسفان، قالوا له إن الناس قد شق عليهم الصيام، فعند ذلك أمر بالإفطار، وعلل بأنه أقوى لهم، فقال: إنكم قد قربتم من عدوكم والفطر أقوى لكم أي: أفطروا حتى تتقووا على قتال عدوكم، فهذا دليل على أن الفطر أفضل إذا كان هناك مشقة، فإذا لم يكن هناك مشقة فقيل إنه بالخيار؛ لحديث أنس قال: كنا نسافر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من به قوة وجلد فإنه يصوم، ومن به ضعف فإنه يفطر وهذا يظهر أنه في التطوع.

وبكل حال نختار أنه إذا كان هناك مشقة على المسافر فالفطر أفضل له، وإذا لم يكن هناك مشقة فالصوم أفضل له، وإن أفطر مع عدم المشقة جاز، وإن صام وتكلف المشقة جاز.