إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
137275 مشاهدة
مكروهات الصلاة

ويكره: الالتفات في الصلاة لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسة الشيطان من صلاة العبد رواه البخاري .
ويكره العبث، ووضع اليد على الخاصرة، وتشبيك أصابعه، وفرقعتها، وأن يجلس فيها مقعيا كإقعاء الكلب، وأن يستقبل ما يلهيه، أو يدخله فيها وقلبه مشتغل: بمدافعة الأخبثين، أو بحضرة طعام، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان متفق عليه .
ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود.


ثانيا: ما يكره في الصلاة:
قوله: (ويكره: الالتفات في الصلاة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الالتفات في الصلاة ... إلخ): يكره الالتفات في الصلاة، ويكون مبطلا إذا انحرف عن القبلة انحرافا كليا، فإذا كان وجهه للقبلة وصدره ثم انحرف إلى جهة الجنوب بانحراف القدمين، فهذا قد ترك شرطا وتبطل صلاته ولو عاد، وأما لو لوى وجهه من هنا ومن هنا فهو مكروه، ولكنه لا يبطل الصلاة، فقد التفت الصحابة لما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مريضا، وأطل بوجهه من النافذة فالتفتوا ورأوه فهذا الالتفات لا يبطل الصلاة، كذلك لما تقدم أبو بكر يصلي أخذ الناس يصفقون، فالتفت فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- فرفع يديه ورجع فلم تبطل صلاته بهذا الالتفات، كذلك في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام بعث رجلا عينا فصلى فجعل يلتفت ينظر مجيء ذلك الرجل فدل على أن الالتفات اليسير لا يبطلها، لكنه يكره.
ودليل كراهية الالتفات أنه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد والاختلاس هو: الأخذ بخفية، أي: يسلب من صلاة العبد بخفية حتى ينقصها، وفي حديث آخر أنه عليه الصلاة والسلام قال: إن أحدكم إذا صلى فإن الله ينصب وجهه اليه، فلا يلتفت، فإنه إذا التفت أعرض عنه .
قوله: (ويكره العبث... إلخ):
ومن المكروهات: العبث اليسير في الصلاة ذكرنا أن الحركة الكثيرة تبطل الصلاة، أما العبث اليسير فلا يبطلها، ولكنه يكره، ومن ذلك: تحريك الأصابع، والعمامة، ووضع اليد على الخاصرة (رأس الورك)، فقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يصلي الرجل محتصرا وفسر ذلك بوضع اليد على الخاصرة، كما فسره صاحب البلوغ، كذلك تشبيك الأصابع، وهو إدخال بعضها في بعض، فإنه يعتبر عبثا؛ لأنه مأمور بوضع اليدين على صدره أو بطنه، فكونه يخرجها ويشبكها يعتبر من العبث، كذلك الفرقعة من العبث؛ سواء شبكها ولواها أو لوى بعضها، فهذه الأمور لا تبطل الصلاة ولكنها مكروهة.
قوله: (وأن يجلس فيها مقعيا كإقعاء الكلب):
ومن مكروهات الصلاة كذلك : أن يجلس مقعيا كإقعاء الكلب وقد ذكر النووي للإقعاء تفسيرين:
الأول: أن ينصب قدميه، ويجلس على إليتيه، ويسمى مقعيا، أي: يجعل الإليتين على عقبيه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن إقعاء كإقعاء الكلب وكذلك ثبت في حديث عائشة أنها قالت: وكان ينهى عن عقبة الشيطان وفسر بأن ينصب قدميه ويجلس عليها.
الثاني: قيل: إن إقعاء الكلب أن ينصب ساقيه ويجلس على إليتيه ويضع يديه على الأرض، وكلاهما منهي عنه في الصلاة.

قوله: (وأن يستقبل ما يلهيه):
ومن مكروهات الصلاة كذلك : استقبال ما يلهيه أي: ما يشغل باله فقد ثبت أنه صلى مرة، وقد سترت عائشة رضي الله عنها فرجة بقرام -أي بستارة- فيها شيء من الخطوط، فقال: أميطي عني قرامك، فإن تماثيله ألهتني آنفا عن صلاتي كذلك صلى مرة وعليه خميصة لها أعلام فلما صلى خلعها، وقال: اذهبوا بخميصتي هذه لأبي جهم، وأتوني بإنبجانيته، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي كأنه فكر في خطوطها قليلا.
فإذا كان أمامك شيء فيه خطوط أو كتابات أو تماثيل، فإنك تزيلها حتى لا يكون هناك ما يشغل قلبك، أما إذا كانت معتادة ولا ينشغل بها فلعله يتسامح فيها، كالكتابات التي في المسجد النبوي ونحوه، فلا حيلة في إزالتها، وكثير من الناس ينشغل بالقراءة فيها أثناء الصلاة، والمصلي مأمور بأن ينظر إلى موضع سجوده.
قوله: (أو يدخله فيها وقلبه مشتغل: بمدافعة الأخبثين، أو بحضرة طعام):
ومن مكروهات الصلاة : أن يدخل في صلاته وهو شاغل قلبه بمدافعة أحد الأخبثين ؛ لأنه إذا كان يدافع البول أو الغائط لا يطمئن في صلاته، بل يكون في اضطراب وشدة، فعليه قبل أن يدخل الصلاة أن يتخلى، وأن يذهب ما يشوش عليه الخشوع، حتى يدخل الصلاة بطمأنينة.
كذلك إذا كان قلبه متعلقا بالطعام كالصائم شديد الجوع إذا كان في الطعام قلة، كما في العهد الأول، فإن ابن عمر كان يتعشى وهو يسمع قراءة الإمام؛ لأنه كان يصوم، والغالب أنه يصوم في شدة الحر والنهار طويل، وقد يصوم من غير سحور أو يكون السحور قليلا، ونفسه تتوق إلى ذلك الطعام، ولو صلى قبل أن جمل لكان قلبه منشغلا، أما في هذا الزمن فالناس لا يحسون بالجوع غالبا والأطعمة كثيرة وفيرة، فلا يكون القلب منشغلا بها.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله الدليل على ذلك فقال: لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان .
قوله: (ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود):
ومن مكروهات الصلاة : أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود، وفي الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود وفي بعض الروايات: انبساط الكلب أو افتراش الكلب، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد أحدكم فلا يبسط ذراعيه انبساط الكلب فهو مأمور بأن يكون سجوده على الكف لا على الذراع، فإذا بسط ذراعيه ومدهما على الأرض، يكون أشبه ببسط الكلب.