إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
باب صفة الصلاة
[باب: صفة الصلاة]
يستحب أن يأتي إليها بسكينة ووقار.
فإذا دخل المسجد قال: رسم> بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك متن_ح> رسم> .
ويقدم رجله اليمنى لدخول المسجد، واليسرى للخروج رأس> منه. ويقول هذا الذكر إلا أنه يقول: رسم> وافتح لي أبواب فضلك متن_ح> رسم> كما ورد في ذلك الحديث الذي رواه أحمد وابن ماجه .
فإذا قام إلى الصلاة قال: (الله أكبر) رأس> ثم يرفع يديه إلى حذو منكبيه رأس> أو إلى شحمة أذنيه، في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ويضع يده اليمنى على اليسرى فوق سرته، أو تحتها، أو على صدره ويقول: رسم> سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك متن_ح> رسم> أو غيره من الاستفتاحات الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- . ثم يتعوذ، ويبسمل، ويقرأ الفاتحة، ويقرأ معها في الركعتين الأوليين من الرباعية والثلاثية سورة، تكون: في الفجر: من طوال المفصل، وفي المغرب: من قصاره، وفي الباقي: من أوساطه.
يجهر في القراءة ليلا، ويسر بها نهارا رأس> الا: الجمعة والعيد، والكسوف، والاستسقاء، فإنه يجهر بها.
ثم يكبر للركوع، ويضع يديه على ركبتيه، ويجعل رأسه حيال ظهره رأس> ويقول: (سبحان ربي العظيم) ويكرره. وإن قال مع ذلك حال ركوعه وسجوده: رسم> سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي متن_ح> رسم> فحسن.
ثم يرفع رأسه قائلا: رسم> سمع الله لمن حمده متن_ح> رسم> إن كان إماما او منفردا. ويقول الكل: رسم> ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه متن_ح> رسم> رسم> ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد متن_ح> رسم> .
ثم يسجد على أعضائه السبعة رأس> كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
ويقول: رسم> سبحان ربي الأعلى متن_ح> رسم> .
ثم يكبر، ويجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى رأس> وهو الافتراش.
ويفعل ذلك في جميع جلسات الصلاة، إلا في التشهد الأخير، فإنه يتورك: بأن يجلس على الأرض، ويخرج رجله اليسرى من الخلف الأيمن.
ويقول: رسم> رب اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، واجبرني، وعافني متن_ح> رسم> .
ثم يسجد الثانية كالأولى.
ثم ينهض مكبرا على صدور قدميه .
ويصلي الركعة الثانية كالأولى.
ثم يجلس للتشهد الأول، وصفته: رسم> التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله متن_ح> رسم> .
ثم يكبر ويصلي باقي صلاته بالفاتحة في كل ركعة.
ثم يتشهد التشهد الأخير رأس> وهو المذكور، ويزيد على ما تقدم: رسم> اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد متن_ح> رسم> . رسم> أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال متن_ح> رسم> .
ويدعو الله بما أحب.
ثم يسلم عن يمينه وعن يساره رأس> السلام عليكم ورحمة الله، لحديث وائل بن حجر رواه أبو داود .
[باب: صفة الصلاة]
وصف رحمه الله الصلاة صفة كاملة مقنعة لمن أراد الاكتفاء، فقد أتى فيها بالسنن والمستحبات.
صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-
قوله: (يستحب أن يأتي اليها بسكينة ووقار):
يستحب أن يأتي اليها بسكينة ووقار، وقد ورد ذلك في حديث فلا يسرع في مشيه ولا يكثر الحركة، حتى أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التشبيك بين الأصابع فقال: رسم> إذا أتى أحدكم إلى الصلاة فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة متن_ح> رسم> .
قوله: (فإذا دخل المسجد قال:... إلخ ) :
إذا دخل المسجد دعا بقوله: رسم> بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك متن_ح> رسم> فهذا ذكر ودعاء، فالذكر قوله: رسم> بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله رسم> لأن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- سبب من أسباب قبول الدعاء، والدعاء قوله: رسم> اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك متن_ح> رسم> فإنه لما داخل إلى المسجد كان بحاجة إلى سؤال الرحمة؛ فقال: رسم> افتح لي أبواب رحمتك متن_ح> رسم> .
فإذا خرج من المسجد فإنه يقول: رسم> بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك متن_ح> رسم> وذلك لأنه بحاجة إلى طلب الرزق.
وفي دخوله يقدم رجله اليمنى، وفي خروجه يقدم رجله اليسرى؛ لتكون اليمنى أول ما يدخل وآخر ما يخرج، كما أنه إذا دخل بيت الخلاء قدم اليسرى دخولا، وقدم اليمنى خروجا، تكريما لليمين.
قوله: (فإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر... إلخ): فإذا قام إلى الصلاة قال: (الله أكبر)، لا يجزئه غيرها، خلافا لبعض الحنفية،
الذين يقولون: يجزى كل كلمة تدل على التعظيم، أما الجمهور فقالوا: لا يجزئ إلا التكبير؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> تحريمها التكبير وتحليلها التسليم متن_ح> رسم> .
قوله: (ثم يرفع يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى شحمة أذنيه):
وقد ذكر المؤلف رحمه الله أن رفع اليدين في أربعة مواضع:
1- إذا افتتح الصلاة عند تكبيرة الإحرام.
2- وإذا أراد أن يركع.
3- وإذا رفع من الركوع.
4- وإذا قام من التشهد الأول، فيرفع يديه كلتيهما.
ومنتهى الرفع قيل: إنه إلى المنكبين، وقيل: إلى شحمتي الأذنين، وقيل إلى فروع الأذنين، والكل جائز، وهو مخير بين ذلك؛ لأن الرفع ورد مطلقا، فكان -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع من الركوع، ولا يفعل ذلك في السجود، هكذا في حديث ابن عمر اسم> وخالف في ذلك الحنفية، فلا يرفعون إلا في التحريمة، وخالف في ذلك الاباضية ونحوهم من المبتدعة كالرافضة، ولا عبرة بخلافهم.
قوله: (ويضع يده اليمنى على اليسرى... إلخ):
ثم بعدما يكبر يضع يده اليمنى على اليسرى وقد ورد أنه يقبض يده اليسرى باليمنى وهذا القبض يعتبر من السنن وقيل إنه يضعهما تحت سرته أو فوقها أو على صدره، وقد ورد في ذلك بعض الآثار لكن الأرجح أن يضعهما على صدره ليكون ذلك من باب الاهتمام؛ لأن من اهتم بشيء فإنه يقبض عليه، فكأنه يقبض قلبه بيديه حتى يكون أجمع له وأبعد عن تشتت القلب.
قوله: (ويقول: (سبحانك اللهم.. إلخ):
بعد ذلك يستفتح الصلاة، وقد اختار الأممام أحمد الاستفتاح بقوله: رسم> سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك متن_ح> رسم> وفي صحيح مسلم أن عمر كان يجهر به وكذلك روته عائشة اسم> ولكن في غير صحيح مسلم؛ بل في السنن، فهو ثناء مختصر جامع، لذلك اختاره الأممام أحمد، فقد بدأه بالتسبيح: سبحانك اللهم، ثم بالحمد: وبحمدك وهو: الثناء على الله، ثم بالبركة: تبارك اسمك وهي كثرة الخير، ثم بالعلو: وتعالى جدك، أي: حقك، وما تستحقه، ثم بالتوحيد: ولا إله غيرك.
وهناك استفتاحات أخرى مثل قوله: رسم> اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس متن_ح> رسم> وهذا مروي في الصحيحين عن أبي هريرة.
ومثل استفتاحه عليه الصلاة والسلام في آخر الليل، كما في الصحيح عن عائشة اسم> إنه كان يقول: رسم> اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم متن_ح> رسم> .
ومثل حديث علي اسم> الطويل أنه كان يقول: رسم> وجهت وجهى للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين... متن_ح> رسم> إلخ ولكنه طويل مروي في سنن أبي داود وغيره.
يقول الإمام أحمد وشيخ الإسلام: إنه يستحب أن ينوع، بأن يأتي بهذا مرة وبهذا مرة حي لا يهجر شيء من السنة .
قوله: (ثم يتعوذ):
ثم بعد الاستفتاح يتعوذ، لقوله تعالى: رسم> فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قرآن> رسم> [النحل: 98] آية> أي: إذا أردت القراءة.
قوله: (ويبسمل):
ثم بعد ذلك يبسمل، ولا يجهر بالبسملة في الجهرية، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة لم يكونوا يجهرون بها، يقول أنس: رسم> صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة وفي آخرها متن_ح> رسم> . أي: كانوا يسرون بها. قوله: ويقرأ الفاتحة:
ثم بعد ذلك يقرأ الفاتحة وهي ركن، لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- رسم> لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب متن_ح> رسم> ولكنهم خصوها بالإمام و المنفرد، وجعلت قراءة المأموم تابعة لقراءة الأممام، وفي حكم قراءة المأموم خلف الإمام خلاف قديم، والأرجح أن يقرأ في السرية وفي السكتات.
قوله: (ويقرأ معها في الركعتين الأوليين):
بعد الفاتحة يقرأ سورة ويفضل أن تكون كاملة، وإن قرأ بعضها فإنه يجزئ، سواء من أولها أو من وسطها أو من آخرها؛ لقوله تعالى: رسم> فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ قرآن> رسم> [المزمل: 30] آية> هذا في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
فيقرأ في الفجر من طوال المفصل، وطوال المفصل يبدأ من ق إلى المرسلات.
وفي المغرب من قصار المفصل، أي: من الضحى إلى آخره.
أما الظهر والعصر والعشاء فيقرأ من أوساطه، أي: من عم إلى والليل إذا يغشى.
قوله: (ويجهر في القراءة ليلا، ويسر بها نهارا):
والسبب في ذلك كون الإنسان في الليل قد فرغ من أعماله، والليل تنقطع فيه الشواغل، وهو بحاجة إلى سماع القرآن، وأما النهار فإنه يشغل القلب لكون حرفته وعمله تشغل قلبه فيقرأ لنفسه.
وصلاة الجمعة والعيد والكسوف والاستسقاء نهارية، ولكن يجهر بها، لأنها تجمع حلقا كثيرا، فاحتيج إلى إسماعهم، فقد لا يكون بعضهم يسمع القرآن إلا في مثل ذلك الوقت.
قوله: (ثم يكبر للركوع... إلخ):
بعد الانتهاء من القراءة في الركعة الأولى يكبر للركوع، ويضع يديه على ركبتيه، ويفرج أصابعه، ويلقم كل يد ركبة، ويجعل رأسه حيال ظهره؛ لحديث عائشة اسم> أنه -صلى الله عليه وسلم- رسم> كان إذا ركع لم يصوب رأسه، ولم يشخصه رسم> أي: لم يدله ولم يرفعه، ولكن يسوي رأسه وظهره بحيث لو وضع قدح على ظهره لاستقام.
ويقول في الركوع: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أدنى الكمال، وتجزئ مرة واحدة، ويستحب في الركوع والسجود بعد التسبيح قول: رسم> سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي متن_ح> رسم> ففي حديث عائشة اسم> رسم> أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقولها بعدما أنزل عليه: رسم> فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا قرآن> رسم> رسم> [النصر: 3] آية> .
قوله: (ثم يرفع رأسه قائلا... إلخ):
بعدها يرفع رأسه من الركوع قائلا: سمع الله لمن حمده وهذه خاصة بالإمام والمنفرد، وأما المأموم فيرفع ولا يقول هذا، وذلك لأن الإمام يسمع من خلفه حتى ينبههم فيحمدوه، والجميع يقولون: رسم> ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه متن_ح> رسم> ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد وفي زيادة في بعض الروايات: رسم> أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد متن_ح> رسم> وإن زاد بقوله: رسم> اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد متن_ح> رسم> فحسن، وقد ورد أنه كان يطيل الرفع حتى يقول القائل: قد نسي .
قوله: (ثم يسجد على أعضائه السبعة):
لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار إلى أنفه كأنه وضع يده على جبهته، ومسح إلى أنفه، فالجبهة والأنف عظم واحد- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين متن_ح> رسم> فهذه هي أعضاء السجود، ويسن أن يمكنها، ولا يخل بشيء منها، ويتعاهد القدمين؛ لأن بعض الناس يرفع قدميه ولا يمكنهما، ويوجه أطراف أصابعه إلى القبلة.
قوله: (ويقول: سبحان ربي الأعلى... إلخ):
السجود محل الدعاء، لقوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم متن_ح> رسم> لكن ورد أنه يسبح فيه بقول: سبحان ربي الأعلى، فقد ورد أنه رسم> لما نزلت: رسم> سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قرآن> رسم> [الأعلى: 1] آية> قال: اجعلوها في سجودكم متن_ح> رسم> رسم> ولما نزلت: رسم> فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قرآن> رسم> [الواقعة: 74] آية> قال: اجعلوها في ركوعكم متن_ح> رسم> ويقولها مرة، وهذا مقدار ما يجزئ، وأدنى الكمال ثلاث، وأعلاه في حق الإمام عشر؛ لحديث أنس أنه صلى خلف عمر بن عبد العزيز فقال: رسم> إنه أشبهكم بصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان أميرا على المدينة. قالوا: فحزرنا تسبيحه في الركوع والسجود عشرا عشرا رسم> .
قوله: (ثم يكبر، ويجلس على رجله اليسرى... إلخ):
ثم بعد السجود يكبر ويجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى ، يسمى هذا افتراشا، فالمفترش هو أن: يعرض رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى ويجعل بطون أصابعها إلى الأرض ورؤوس أصابعها إلى القبلة، وهذا هو الأفضل، وجميع الجلسات في الصلاة افتراش إلا في التشهد الأخير، فإنه يتورك إن تمكن، أما إذا كان هناك زحام في الصفوف فإنه يفترش أيضا، والتورك: أن يجلس على الأرض ويخرج رجليه عن يمينه، وتكون اليمنى منتصبة، واليسرى مبسوطة.
قوله: (ويقول: ربط اغفر لي... إلخ):
وبين السجدتين يقول: رسم> رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني وعافني متن_ح> رسم> كما روي ذلك مرفوعا، وإن زاد في الدعاء، أو كرر هذا الدعاء، فلا بأس.
قوله: (ثم يسجد الثانية كالأولى):
ثم يكبر وشمجد السجدة الثانية كالأولى، ويقول فيها ما يقوله في السجدة الأولى.
قوله: (ثم ينهض مكبرا على صدور قدميه، ويصلي الركعة الثانية كالأولى):
ثم ينهض من السجود مكبرا على صدور قدميه، واختار المؤلف: أنه لا يجلس للاستراحة، وكأنها لم تثبت عنده، أو أنها خاصة بالكبير، لأنها لم ترو إلا عن مالك بن الحويرث ولم يذكرها إلا في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- فلعله فعلها لحاجة: لكبر أو مرض أو نحوه؛ لذلك لم يذهب اليها إلا الشافعي في رواية، والإمام أحمد رجع إليها وعمل بها أخيرا فلعله لحاجة .
والركعة الثانية كالأولى، إلا أنه ليس فيها استفتاح ولا تعوذ، بل ينهض ثم يبسمل ويقرأ الفاتحة ويصلي الركعة كاملة.
قوله: (ثم يجلس للتشهد الأول، وصفته:... إلخ):
ثم بعد الركعتين يجلس للتشهد مفترشا، واختار المؤلف تشهد ابن مسعود الذي ساقه، لأنه لم يختلف فيه الذين رووه ولو في حرف، ولأنه يقول رضي الله عنه: علمني الرسول -صلى الله عليه وسلم- التشهد كفي بين كفيه أي: اهتم به حتى علمه كما يعلمه السورة من القرآن.
وقد روي التشهد عن عمر، وعن جابر، وعن ابن عباس اسم> وفيه زيادة أو نقص كلمات.
ففي تشهد عمر: رسم> التحيات لله الزاكيات لله متن_ح> رسم> .
وفي تشهد جابر أو ابن عباس اسم> رسم> التحيات لله المباركات الطيبات متن_ح> رسم> أي: بزيادة كلمة أو نقص كلمة، والكل جائز.
قوله: (ثم يكبر ويصلي باقي صلاته):
بعدما يقول في التشهد الأول: (عبده ورسوله) يقوم لبقية صلاته، إذا كانت الصلاة رباعية؛ يقوم إلى تكملة ركعتين، وإذا كانت ثلاثية كالمغرب يقوم لأداء الركعة الباقية، فإذا قام كبر ورفع يديه حذو منكبيه أو حيال أذنيه، ويقتصر في الركعتين الأخيرتين على الفاتحة، لحديث سعد: رسم> أنه كان يمد في الأوليين ويحذف في الأخريين متن_ح> رسم> وقوله: يمد في الأوليين، يعني: يطيل في الركعتنن الأوليين، وقوله: ويحذف في الأخريين، يعني: يختصر في الركعتين الأخيرتين، وإن قرأ فيهما زيادة جاز، لحديث أبي سعيد في صحيح مسلم .
قوله: (ثم يتشهد التشهد الأخير، وهو... إلخ):
ثم بعدما يصلي الركعتين الأخيرتين أو الركعة الأخيرة يجلس للتشهد الأخير، فيأتي بالتشهد الأول، وهو: رسم> التحيات لله، والصلوات... متن_ح> رسم> إلخ، ثم يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد وردت الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده صفات، واختار المؤلف منها هذه الصفة، وهي متقاربة، والاختلاف إنما هو في قوله -كما في بعض الروايات- كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وفي رواية: كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم وفي رواية: كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وفي رواية: كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد .
وكما قلنا اختار المؤلف: (كما صليت على آل إبراهيم)، فقد جمع بين محمد وآله واقتصر على آل إبراهيم؛ لأنه أخذه من الآية الكريمة في سورة هود وهي قوله تعالى: رسم> رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ قرآن> رسم> [هود: 73] آية> ولهذا ختم هذا الدعاء بقوله: إنك حميد مجيد، كما ختمت الآية بذلك، ومن هذه الآية أخذ بعض العلماء أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- معناها الرحمة؛ لأنه قال: رسم> رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قرآن> رسم> وهنا قال: كما صليت، فيكون المعنى: كما ترحمت.
قوله: (أعوذ بالله من عذاب جهنم... إلخ):
ثم بعد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي بهذه الاستعاذة، فقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:
رسم> إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وفتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال متن_ح> رسم> ويستحضر هذه المعاني، التي فيها إثبات عذاب القبر، وأنه يستعاذ منه، وفيه الخوف من الفتنة في الدنيا وعند الممات، وفيه التحذير من فتنة المسيح الدجال.
وبعدها يدعو بما أحب، فقد ورد الحديث: رسم> أنه يختار من الدعاء ما أحب أو أعجبه إليه متن_ح> رسم> .
قوله: (ثم يسلم عن يمينه، وعن يساره... إلخ):
بعدها يسلم عن يمينه وعن يساره، ويختار المؤلف وجوب التسليمتين، بأن يقول: (السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله). وقد وردت زيادة (وبركاته) في سنن أبي داود، ولكن يظهر أنه لم يكن يأتي بها دائما، إنما أحيانا، فالذين رووا: (السلام عليكم ورحمة الله) خمسة عشر صحابيا، كما ذكر ذلك ابن القيم.
وبهذا يكون قد انتهى من صفة الصلاة.
مسألة>