لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
193134 مشاهدة print word pdf
line-top
آداب زيارة القبور

وينبغي لمن زارها أن يقول: السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم، نسأل الله لنا ولكم العافية .
وأي قربة فعلها وجعل ثوابها لمسلم نفعه ذلك، والله أعلم.


قوله: (وينبغي لمن زارها أن يقول:... إلخ):
وينبغي لمن زارها أن يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، ويرحم الله المستقدمين والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم . وقوله: نسأل الله لنا ولكم العافية يجوز تقديمها أو تأخيرها، وكذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويقول: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد .
قوله: (وأي قربة فعلها وجعل ثوابها لمسلم نفعه ذلك):
كذلك لا يتخلى أهل الميت عن ميتهم، بل ينبغي لهم أن يدعوا له، وأن يتصدقوا عنه وأن يتقربوا له بأي قربة من عمل صالح؛ حتى ينتفع؛ لأنه قد انقطع عمله، وهو بحاجة إلى من يهدي له شيئا؛ ولذلك قال بعض العلماء أن أي قربة فعلها الإنسان وجعل ثوابها لمسلم نفعه ذلك، ولو كان ذلك المسلم ميتا نفعه ذلك.
وفي هذه المسألة كلام طويل وخلاف بين العلماء المتقدمين والمتأخرين فمنهم من يقول: إن الميت لا ينتفع بشيء من عمل الحي، ويستدلون بقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39] والصحيح أن المراد أنه ليس له ملك إلا ما سعى، فأما إذا أهديت له عملا فإن ذلك ينفعه، ومن ذلك الصلاة عليه فهي تنفعه، ومن ذلك أيضا الصدقة عنه، وقد ورد في حديث أن رجلا قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت عليها نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يتصدق عنها، وكذلك الحج والعمرة تنفع الميت فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام لما استأذنه رجل في أبيه الذي لا يثبت على الراحلة أو أمه، فقال له: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: فاقضوا الله، فالله أحق بالوفاء فأمره بأن يحج ويعتمر عن أبويه، وكل ذلك دليل على أن ذلك ينفع الميت إذا أهدي له عمل.
واختلف في إهداء ثواب الأعمال البدنية للميت المسلم والصحيح أنه يجوز إهداء ثوابها للميت وأن ثواب ذلك يصل إليه إن شاء الله، فإذا صليت مثلا ركعتين وجعلت ثوابهما لميت نفعه ذلك على عموم كلام الفقهاء، وكذلك أيضا لو صمت عنه، بل قد ورد نص الصيام صريحا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- من مات وعليه صيام، صام عنه وليه والأحاديث واضحة في ذلك، فالصحيح الذي نختاره أنه يصل إليه كل عمل؛ سواء كان عملا بدنيا أو قوليا أو ماليا، فكل ذلك ينتفع به إذا أهداه له قريبه أو غير قريبه من المسلمين أن شاء الله.

line-bottom