شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
141587 مشاهدة
باب مفسدات الصلاة

[باب: مفسدات الصلاة ومكروهاتها]
تبطل الصلاة: بترك ركن أو شرط، وهو يقدر عليه عمدا، أو سهوا، أو جهلا، إذا لم يأت به.
وبترك واجب عمدا، وبالكلام عمدا.
وبالقهقهة، وبالحركة الكثيرة عرفا المتوالية لغير ضرورة.
لأنه في الأول ترك ما لا تتم العبادة إلا به، وبالأخيرات فعل ما ينهى عنه فيها.



[باب: مفسدات الصلاة ومكروهاتها]
جرى الفقهاء رحمهم الله بعدما يذكرون الصلاة وما يتصل بها على ذكر ما يكره فيها أو ما يبطلها أو ما ينقص أجرها، والقصد بهذا أن يأتي العبد بصلاة تامة، فيأتي فيها بكامل الأجزاء؛ حتى تقبل صلاته ويثاب عليها ثوابا كاملا.
أولا: ما يبطل الصلاة
قوله: (تبطل الصلاة: بترك ركن أو شرط، وهو... إلخ):
من ترك ركنا من أركان الصلاة أو شرطا من شروطها -وهو يقدر علمه- عمدا أو سهوا أو جهلا لم تتم صلاته، فمن ترك ركنا كركوع عمدا، أو شرط كطهارة بطلت صلاته؛ لأنه متلاعب وهو آثم، وكذا لو تركه سهوا أو جهلا فإن صلاته تبطل، ولكن ليس عليه إثم، فلا تتم صلاته حتى يأتي بذلك الركن أو الشرط، فإن ترك ركنا ولم يذكره إلا بعدما وصل اليه في الركعة التي بعده، ألغى الركعة الأولى وأقام التي بعدها مكانها، فصارت الثانية هي الأولى، فمثلا لو كبر في الأولى وقرأ الفاتحة وما تيسر، ثم لم يركع؛ بل سجد من القيام مباشرة سجدتين بينهما جلسة ثم قام، ولما كمل القراءة تذكر أنه لم يركع في الأولى، فيلغي الأولى وتصير الثانية هي الأولى؛ حتى تتم الصلاة، فلا بد أن يأتي به، ولو سلم ولم يأت به فصلاته باطلة، ولو كان سهوا أو جهلا، وهكذا إذا كان إماما أو منفردا، وقد ترك الفاتحة في ركعة، أو ترك القيام في ركعة مع القدرة، فلا يعتد بتلك الركعة التي ترك فيها هذا الركن.
قوله: (وبترك واجب عمدا):
وأما الواجبات: فلا تبطل الصلاة إلا إذا تركها عمدا، فلو ترك التشهد الأول عمدا بطلت صلاته؛ لأنه متلاعب، وكذلك إذا ترك التسميع، سمع الله لمن حمده إذا كان إماما أو منفردا، أو التحميد ربنا ولك الحمد. أو التسبيحات سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود بطلت، أما سهوا فتقدم أنه يسجد للسهو.
قوله: (وبالكلام عمدا):
وكذلك إذا تكلم عمدا لغير مصلحة الصلاة فإنها تبطل، لحديث زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة، يأمر أحدنا أخاه بحاحته، حتى نزلت: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام .
وفي حديث معاوية بن الحكم أنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جاهل، فعطس رجل في الصلاة فقال له: يرحمك الله، فرماه الناس بأبصارهم فتكلم وقال: وا ثكل أمياه! ما لكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون أفخاذهم يسكتونه، فسكت، فدعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الصلاة، وقال له: إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ولم يأمره بالإعادة؛ لأنه جاهل؛ لذلك قال الشيخ .

(وبالكلام عمدا)، أي: عن علم لا سهوا أو جهلا. وأما الكلام لمصلحة الصلاة فلا يبطلها، فقد تكلم ذو اليدين كما ذكرنا لمصلحة الصلاة، وتكلم بعض الجماعة وقالوا: قصرت الصلاة.
قالوا: (وبالقهقهة):
وتبطل أيضا بالقهقهة، وهي الضحك الذي يكون فيه قهقهة، بل قد ذهب بعض الحنفية إلى أنه يبطل الوضوء، ولكن الصحيح أنه يبطل الصلاة ولا يبطل الوضوء، وأما التبسم من غير قهقهة فلا يبطل الصلاة، وإن كان يكره في الصلاة.
قوله: (وبالحركة الكثيرة عرفا المتوالية لغير ضرورة):
وذلك لأن الذي يكثر الحركة يظهر منه لمن رآه كأنه ليس في صلاة، فإذا رأيته يعدل عمامته وينظر في ساعته ثم يحرك خاتمه ويقدم رجله وعباءته يتقدم قليلا بيديه ورجليه، قلت: هذا لا يصلي؛ لكثرة عبثه، فالصلاة لا بد فيها من الخشوع، لقوله تعالى: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون: 2] فلما نزلت خشع الصحابة ونظروا إلى مواضع سجودهم وأخبتوا .
أما إذا كان هناك ضرورة فلا مانع، فقد روي أن بعض الصحابة كان مسافرا ومعه بعير شرود، فكبر يصلي فنازعه الجمل، فمشى وهو يصلي، وهو ممسك بخطامه، وأخذ يمشي ويركع ويسجد حتى لا يذهب عنه الجمل وهو يصلي، فقيل له: لماذا؟ قال: لو تركته لشرد، ولو شرد لا نقطع صاحبه في هذه البرية .

ومن الأفعال أيضا أنه -صلى الله عليه وسلم- فتح الباب لعائشة وأنه صلى وهو يحمل أمامة بنت أبي العاص، إذا قام حملها، وإذا ركع أو سجد وضعها وهذه تعتبر حركة خفيفة.
قوله: (لأنه في الأول ترك ما لا تتم العبادة إلا به، وبالأخيرات فعل ما ينهى عنه):
الأول، يعني: ترك الركن أو ترك الشرط أو ترك الواجب، فالركن مثل الركوع والسجود، والشرط مثل: استقبال القبلة أو ستر العورة، والواجب مثل: التشهد الأول والجلوس له، أو التسبيح (سبحان ربي العظيم وسبحان ربي الأعلى)، فمثل هذه الأمور إذا تركها عمدا بطلت صلاته لأنه لا تتم العبادة إلا بها.
وبالأخيرات، يعني: الكلام والقهقهة والحركة الكثيرة: تبطل الصلاة إذ فعلها عمدا، وذلك لأنه فعل ما ينهى عنه.