القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
158221 مشاهدة
شروط صلاة الجمعة

كل من لزمته الجماعة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنا ببناء، ومن شروطها: فعلها في وقتها، وأن تكون بقرية، وأن يتقدمها خطبتان.



شروط صلاة الجمعة
قوله: (كل من لزمته الجماعة لزمته الجمعة):
قد ذكرنا أن الجماعة تلزم الرجال ولا تلزم النساء، وتلزم الصحيح ولا تلزم المريض، فمن لزمته الجماعة، أي: وجبت عليه الجماعة فإنه يلزمه أداء الجمعة إذا توفرت فيه بعض الشروط.
الشرط الأول: أن يكون مستوطنا:
قوله: (إذا كان مستوطنا ببناء):
فلا تلزم أهل البوادي الذين يحلون ويرتحلون أهل بيوت الشعر، وذلك لأنهم غير مستقرين، ولا تلزم المسافرين، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسافر أسفارا طويلة قد تستغرق شهرا أو أربعين يوما أو نحو ذلك، ولم يجمع.
الشرط الثاني: أداؤها في وقتها:
قوله: (فعلها في وقتها):
ووقتها مختلف فيه، فقيل: إنه من طلوع وقت النهي يعني ارتفاع الشمس قدر رمح إلى آخر وقت الظهر ودخول وقت العصر إذا كان ظل كل شيء مثليه، وهذا نقل عن بعض السلف، ولكن الجمهور على أن وقتها هو وقت الظهر، وقد يرخص في تقديمها قدرا قليلا، أي: يجوز تقديم الأذان، وتقديم الخطبة قبل الزوال، فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا ينصرفون من صلاة الجمعة يتتبعون الفيء من التبكير.
الشرط الثالث: أن تكون بقرية:
قوله: (وأن تكون بقرية):
كما ذكرنا، أي: مستوطنين.
الشرط الرابع: أن يتقدمها خطبتان:
قوله: (وأن يتقدمها خطبتان):
يعني: يشترط أن يتقدم صلاة الجمعة خطبتان، فإن لم يتقدمها خطبتان لم تصح، وإذا تقدمها خطبة واحدة، لم تصح أيضا، وهكذا لو جعل الخطبتين بعد الصلاة لم تصح، فقد ثبت من فعله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدخل المسجد فيصعد المنبر،
فيسلم على الناس ثم يجلس فيؤذن المؤذن، ثم يقوم عليه السلام فيخطب خطبة ثم يجلس فيستريح بعدها قليلا، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى، ثم ينزل فيصلي بالناس، وقد واظب -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فدل على أنه يشترط للجمعة خطبتان.
وأيضا يدل على ذلك حديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب يوم الجمعة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب مثلما تفعلون اليوم . وورد مثل ذلك عن جابر بن سمرة رضي الله عنه .
الشرط الخامس: الحرية:
وهذا الشرط عند بعضهم، وقالوا: العبد مشغول بخدمة سيده، والجمعة تحتاج إلى مسافة فتسقط الجمعة عن العبد، والصحيح أنها لا تسقط، وأما الحديث الذي ذكر في بلوغ المرام: الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة وعد منهم العبد والمريض والمسافر والمرأة، هذا الحديث لعله خاص بالعبد المنشغل والمسافة بعيدة، أما إذا كان قريبا فإنه يلزمه، والمؤلف يقول: من لزمته الجماعة لزمته الجمعة، والعبد تلزمه الجماعة، فليزم من سيده أن يرخص له ويذهب لصلاة الجمعة.