إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
210432 مشاهدة print word pdf
line-top
باب الآنية

باب الآنية
وجميع الأواني مباحة إلا آنية الذهب والفضة وما فيه شيء منهما، إلا اليسير من الفضة للحاجة. لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة متفق عليه .


(باب: الآنية)
قوله: (وجميع الأواني مباحة، إلا آنية الذهب والفضة... إلخ):
الأواني كلها مباحة إلا آنية الذهب والفضة ، وما فيه شيء منهما إلا اليسير من الفضة للحاجة، فالأواني المصنوعة من النحاس أو من الصفر أو من الحديد أو من معادن أخرى أو من الطين أو من الخزف أو من الحجارة أو من الجلود كلها مباحة وطاهرة وتستعمل، واستثنيت آنية الذهب والفضة؛ لورود النهي عنها في هذا الحديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة .
مسألة:
قد يقول قائل: ورد النهي عن الأكل والشرب فيهما، فهل يجوز اقتناؤها؟
نقول: لا يجوز؛ لأن أكثر ما تستعمل فيه الأكل والشرب، إذا نهي عن الأكل والشرب مع الضرورة إليهما، فمن باب أولى أن ينهى عن الاقتناء، أو الوضوء منهما، أو الطبخ فيهما، أو ما أشبه ذلك.

وذكر العلة في النهي فقال: فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة وذلك يشير إلى أن الأصل أن المسلم يدخر أعماله لآخرته، ولا يتعجل لدنياه، حتى يجد الثواب عند الله تعالى خالصا، وعلل بعضهم المنع بما فيهما من كسر لقلوب الفقراء أو الإسراف، ولعل ذلك مراد جميعا.
واقتصر المؤلف رحمه الله في هذا الباب (باب الأواني) على مسألة واحدة اختصارا، وإلا فقد ذكر الفقهاء رحمهم الله مسائل أخرى كثيرة تتعلق بهذا الباب.

line-bottom