الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
210313 مشاهدة print word pdf
line-top
ما يستحب لمن أتى الجمعة

ويستحب لمن أتى الجمعة أن: يغتسل، ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويبكر إليها.


قوله: ( ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل... إلخ):
قد ذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه واجب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- غسل الجمعة واجب على كل محتلم ولقوله: من أتى الجمعة فليغتسل .
وفي الغسل ثلاثة أقوال: قول متشدد، وقول متساهل، وقول متوسط.
فالقول المتشدد: للذين أوجبوه واستدلوا بهذه الأحاديث.
والقول المتساهل: للذين قالوا: كله سواء؛ الغسل وتركه، وقد يستدلون بحديث سمرة ولفظه: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل .
والذين توسطوا قالوا: يجب في حال دون حال، ونظروا إلى الحكمة، وهي ما في حديث عائشة ؛ حيث ذكرت أن الكثير من المصلين كانوا يأتون إلى صلاة الجمعة بثياب دنسة وهم أهل عمل وأبدانهم متسخة وثيابهم متسخة، فإذا صفوا في جانب بعضهم تأذى البعض من الرائحة والوسخ.
وكان المسجد أيضا مظلما وليس فيه نوافذ، وليس فيه مكيفات، وليس فيه هواء، فيشتد الحر وينزل العرق فتتسخ الأبدان وتتسخ الثياب، ويؤذون من إلى جانبهم، فلما اشتكى كثير منهم، وقالوا: نتأذى من هؤلاء العمال؛ لأن أكثر أهل المدينة أهل عمل، إما عمل في حرفهم، وإما عمل في تجاراتهم، وأكثرهم فقراء ليس عنده إلا الثوب الذي على جسده، وقد يبقى الثوب عليه نصف سنة، وقد لا يغسله إلا في الشهر مرة أو في الشهرين، فيتسخ.
فلأجل ذلك أمروا بأن يغتسلوا في يوم الجمعة حتى يذهب شيء من الوسخ الذي على الأبدان، وأمروا بأن يتطيبوا حتى يكون ذلك الطيب مخففا للروائح، وأمروا بأن يلبسوا أحسن الثياب حتى يكون ذلك مخففا لزوال الأوساخ التي تكون عليها، وأمروا بالتبكير، أي: يذهبوا مبكرين.

line-bottom