شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
218087 مشاهدة print word pdf
line-top
محل سجود السهو


وله أن يسجد قبل السلام أو بعده.


قوله: (وله أن يسجد قبل السلام أو بعده):
ذهب الإمام أحمد إلى أنه يجوز أن يكون السجود كله قبل السلام، إلا في ثلاث حالات: إذا سلم عن نقص، أو بنى الإمام على غالب ظنه، أو ذكر بعد السلام.
* ودليله -فيما إذا سلم عن نقص- قصة ذي اليدين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين، ثم سلم معتقدا أنه قد أتم، فذكره ذو اليدين، فقام وصلى التمام، وسلم ثم سجد، إذن هنا سلم عن نقص فسلم بعد التمام، وسلم أخرى بعد السجدتين، ففي هذه الصلاة سلم ثلاث مرات، سلم قبل أن تتم صلاته معتقدا تمامها، وسلم بعدما أتمها، ثم سلم بعدما سجد، هذه قصة ذي اليدين.
* كذلك إذا بنى الإمام على غالب ظنه كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ليسجد فمثلا إذا شك في صلاة رباعية هل صلى اثنتين أم ثلاثا؟ فإذا غلب على ظنه أنه صلى ثلاثا، فيأتي بالرابعة، ويسلم، ثم يسجد، هذا إذا بنى على غالب ظنه؛ لحديث ابن مسعود.
* أما إذا لم يتذكر إلا بعد السلام فهو معذور، فقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- انصرف من صلاة صلى فيها خمسا، فقيل: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذاك؟، قالوا: صليت خمسا، فانصرف وسجد سجدتين وهو جالس .

والحاصل أن له أن يسجد قبل السلام أو بعده ولكن المختار كما ذكرنا أنه قبله؛ لأنه جزء من الصلاة، ولقوله في الحديث: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فيدل على أن التسليم تحليل في الصلاة، أي لا يسلم قبل أن يتم صلاته؛ لأن السجدتين أصبحتا من الصلاة، ولكن حيث روي السجود بعد السلام، قالوا: يجوز، وإن كان الإمام أحمد يتبع النص فيقول: السجود كله قبل السلام، إلا فيما ورد، وهو تلك الحالات السابقة.
وقد اشتهر في بعض المذاهب وبعض الكتب المتأخرة أنه إذا كان عن زيادة، فإنه يسجد بعد السلام، وذكر ذلك بعض المؤلفين، ولكن لم يذكروا على ذلك دليلا، فالأدلة التي ذكرنا دليل لما ذهب إليه الإمام أحمد، فينتبه إلى قولهم: (أنه إذا كان عن زيادة فإنه يسجد بعد السلام) أنه ليس عليه دليل واضح.

line-bottom