القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
158139 مشاهدة
زكاة سائمة الأنعام

فأما السائمة: فالأصل فيها حديث أنس: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله:


زكاة السائمة
قوله: (فأما السائمة: فالأصل فيها حديث أنس... إلخ):
هذا الحديث هو أصح ما روي في هذا الباب، وقد رواه البخاري عن أنس، ورواه أيضا غير البخاري، والبخاري قطعه في عشرة مواضع من كتابه في كل باب يذكر منه قطعة في كل باب يذكر منه قطعة أما غيره ممن رواه كأبي داود وغيره فقد ساقوه بتمامه.
وهذا الحديث كتبه أبو بكر -رضي الله عنه- لأنس لما بعثه على الصدقة، فكتب فيه: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين فقوله: التي فرضها، يستفاد منه أن الحديث مرفوع، أي أن أبا بكر لم يجتهد فيها من نفسه، بل رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: والتي أمر الله بها ورسوله، أي: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أيضا لم يعتمد فيها على قوله؛ بل اعتمد فيها على أمر الله تعالى له، فإن قوله: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة: 103] أمر من الله تعالى أن يأخذ، وقدر له ما يأخذ، فحدد له أنواعها، وحددها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه.